ليس طرح التّساؤلات بشأن العالم حولنا بالأمر الهيّن ناهيك عندما يحمل من يحيط بنا ندوب الجروح التاريخية العميقة، مثل الفاشية والاستعمار.
بيد أنّ باعثا الأكاديميّة اللامكانيّة يعتبران أنّ ذلك يشكّل عملا لا مفرّ منه يمكن إنجازه باعتماد مسار تعاونيّ للتّفكير النّقدي. الأكاديميّة اللامكانيّة هي منصّة تجمع الفنّانين والمهندسين المعماريّين من خلفيات جغرافية وموضوعية متنوعة تسعى إلى معالجة القضايا المتعلقة بإرث العمارة والفن الحديث في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخارجها.
الأكاديميّة هي نتاج لشراكة جمعت ثلاث منظّمات: مؤسّسة تجرّد للعمارة والفنون من ليبيا وجمعيّة ذاكرة المهندسين المعماريّين الحداثيّين المغاربة من المغرب و Philomena+ من النّمسا و هي تعمل على تعزيز التفكير الجماعي حول التراث المركّب للعمارة الاستعمارية والفاشية.
أسّس المهندس المعماري ساري الفيتوري (27 سنة) تجرّد سنة 2018 وقد شرح لنا تمشّيه بقوله: ” كنّا نهدف أساسا إلى إنشاء منصّة على الخطّ للحوار الدّولي بين الثقافات لنحثّ الأجيال الشابّة على استكشاف سياقهم على نحو نقديّ ومبدع”.
أردف ساري قائلا: ” أردنا أن يقارع النّاس وجهات نظرهم بشأن العمارة والفنون التي توارثوها، هل ينبغي هدمها أو إعادة استخدامها مع التّغاضي عن تاريخها؟ أو إعادة استعمالها مع اعتبار القيمة الفاشيّة أو الاستعماريّة المتّصلة بها؟” وشدّد على أنّ التّعامل مع هذا الموروث المعماري يكتسي جانبا معقّدا للغاية.
رغم الصعوبات النّاتجة دمج الثقافات المختلفة في المشروع، إلا أن وجهات نظر المشاركين المتنوعة أثرت البحث. وقد قال لنا ساري أنّ الفريق يريد توسيع نطاق الاكاديميّة اللامكانيّة لتخرج عن حدودها الحاليّة حيث فكّر ساري في إنشاء منصّة رسميّة على الخطّ تعرض الموارد المتوفّرة مثل المحاضرات وأرشيف البحوث، لتكون في متناول المشاركين والجمهور العريض أيضا.
” يتمثّل هدفنا من خلال ذلك في تعزيز شبكة دوليّة متنامية للتّبادل الثقافي والحوار المعماري”.
بينما تستعدّ الأكاديميّة اللامكانيّة للمعرض القادم الذي سيلتئم خلال شهر أكتوبر 2023، يتطلّع ساري وكامل الفريق إلى المستقبل، وهم عاقدين العزم على تعزيز العمل الفنيّ التّعاوني والأبحاث النقدية لفائدة الأجيال القادمة.