مؤتمر الفضاء الجديد في إفريقيا – هذه السوق – هو منصة محورية لروّاد هذا القطاع من شركات ومستثمرين وجهات معنيّة في صناعة الفضاء والأقمار الصناعية في القارة. وقد رأينا ذلك بوضوح في المعرض، الذي أبهرني حقّا. يسلّط الموضوع الرئيسي، “تمكين اقتصاد إفريقيا من خلال الابتكار المرتبط بالفضاء”، الضوء على الإمكانات التحويلية لتقنيات الفضاء في دفع النمو الاقتصادي والتنمية في جميع أنحاء القارة.
حضرتُ بالأمس مراسم افتتاح وكالة الفضاء الافريقيّة وأود أن أهنئكم على هذه الرؤية المتميزة لمستقبل الوكالة. نحن، في الاتحاد الأوروبي، نرى أن هذه لحظة انطلاق عصر جديد في تطور قطاع الفضاء في إفريقيا. فقد باتت الوكالة الآن الهيئة المركزية لتعزيز التعاون في المبادرات الفضائية على مستوى القارة، وهو ما يعكس التزام إفريقيا بتعزيز قدراتها الفضائية واستخدام هذه التقنيات في خدمة التنمية.
الأرقام تتحدث عن نفسها: الاتحاد الأوروبي، والدول الأعضاء الـ27 – والعديد منها ممثل هنا اليوم – بالإضافة إلى بنك الاستثمار الأوروبي وبنك الإعمار والتنمية الأوروبي، تمكنّا من تعبئة 179 مليار يورو للاستثمار العام والخاص في إطار “البوابة العالمية” خلال الفترة من 2021 إلى 2023.
ونحن نستهدف الوصول إلى 300 مليار يورو بحلول سنة 2027 لدعم تنفيذ “أجندة إفريقيا 2063”. أمامنا الكثير من العمل، ونحن لم نصل بعد إلى ما نصبو إليه. لذا، نحن بحاجة إلى توسيع نطاق “البوابة العالمية” من خلال تعزيز انخراطنا – وهذا ما نقدمه من جانبنا – ونتطلع إلى التعاون مع شركائنا في إفريقيا، بما يشمل القطاع الخاص. لقد أدرك الاتحاد الأوروبي منذ زمن أهمية التعاون الفضائي مع إفريقيا. تقوم شراكتنا على القيم المشتركة والمصالح المتبادلة ونهدف من خلالها إلى تعزيز الابتكار ودعم البحث العلمي ومواجهة التحديات العالمية، وذلك انطلاقًا مما نعتبره تماثلا في استراتيجياتنا وسياساتنا.
لدينا “أجندة الابتكار المشتركة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي” وشراكتنا الثنائية والحوار الفضائي بين الاتحادين، واستراتيجية الفضاء الإفريقية، وبرنامج الفضاء الأوروبي، بما في ذلك “كوبرنيكوس” و”غاليلو” – كلها تعكس رؤيتنا المشتركة لمستقبل مزدهر ومتقدم تقنيًا. وهذه تمثل أساسًا قويًا لاستمرار تعاوننا.
كما شاهدنا أمس خلال الافتتاح: فإن شراكتنا – بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا – تمتد لأكثر من 20 سنة، من خلال برامج تدعم استخدام بيانات المراقبة الأرضية والملاحة الفضائية في مجالات متنوعة، مثل إدارة الموارد الطبيعية وقياس تأثير الأنشطة البشرية والحد من مخاطر تغير المناخ.
يوضّح البرنامج المشترك بقيمة 100 مليون يورو المنجز مؤخّرا في مجال الفضاء بين إفريقيا والاتحاد الأوروبي، التزامنا الواضح بالارتقاء بتعاوننا إلى مستوى استراتيجي على نحو مندمج ومتماسك.
سيُعزز هذا البرنامج الحلول الفضائية لدعم اتخاذ القرار، وسيسهم في التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. يركز هذا البرنامج على تقنيات المراقبة الأرضية والملاحة الفضائية، مع تعزيز التكامل مع خدمات الاتصال الآمن عبر الأقمار الصناعية. كما نحرص على استدامة وتوسيع المبادرات الفضائية الحالية، وتكميلها بشراكات أقوى على المستوى المؤسسي والسياسي، وكذلك على مستوى القطاع الخاص. هذه هي المقاربة الشاملة التي نعمل على تحقيقها في استثمارات الفضاء.