أحدث يوم أوروبا هذا العام صدى فريد حيث يوافق يوم 9 ماي/مايو 2025 الذكرى الخامسة والسبعين لإعلان شومان والقانون التأسيسي للمشروع الأوروبي والذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية وهما تاريخان يذكّران معا بأن السلام هو أولا وقبل كل شيء مشروع يجب بناؤه. تذكّرنا الديناميات وتاريخ نشأة المشروع الأوروبي وتذكّر العالم بأسره بقوّة متجدّدة من خلال تسارع الأزمات وتقاربها، والمنافسة المتزايدة على نظام متعدد الأطراف الذي أصبح مع ذلك ضروريا أكثر من أي وقت مضى في مواجهة التحديات العالمية، وإغراءات التّدابير الحمائية أو استخدام القوة كوسيلة لتسوية النزاعات، بأن السلام والديمقراطية والتعاون ليست أبدا أمرا مفروغا منه. هي خيارات وقيم يجب تجديدها والدفاع عنها بلا هوادة. في الجهات التي تعارضها، نعتزم، نحن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بالتنسيق الوثيق مع حلفائنا وشركائنا، تكوين جبهة مشتركة.  

يرغب المغرب، شأنه شأن الاتحاد الأوروبي، في الالتزام بالسلام والتعاون الدولي والتعددية. في مواجهة تحديات اللحظة، من مصلحتنا أن نشكل جبهة موحدة وأن نمضي قدما معا. يمكننا القيام بذلك من خلال البناء على أسس متينة، تم التذكير بها بشكل خاص في الشراكة الأوروبية المغربية من أجل الازدهار المشترك التي تأسست سنة 2019. تتميز العلاقة الأوروبية المغربية بديناميكيتها وعمقها في جميع المجالات. وتتجلى روح التعاون أيضا في العلاقات الوثيقة التي نحافظ عليها نحن الدول الأعضاء مع المغرب، من خلال مشاريع ملموسة وتنسيق وثيق بشأن أهمّ القضايا المشتركة. يشكّل قربنا وقدرتنا على الحفاظ على الحوار الاستراتيجي والمستمرّ بناء على الاحترام المتبادل قوة دفع قيمة في المواجهة المشتركة للتحدّيات العالمية الكبرى.

يوم أوروبا ليس فقط احتفالا بوحدة القارة حول القيم والمصالح المشتركة بل هو في السياق الحالي تذكير ضروري بالقدرة على مدّ الجسور، عبر الحدود الراسخة، بين جميع الجهات الملتزمة بتعزيز القيم العالمية. وهو رمز لتفضيل السلام على العنف، والحوار في مواجهة الاستفزازات، والتضامن الفعّال، والانفتاح والتعاون، ورفض الانعزال الثقافي والاستبداديّ. بهذه الروح يحتفل الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء اليوم بيوم أوروبا، عاقدين العزم على مواصلة بناء مساحة مشتركة أوسع نطاقا من الحرية والتضامن والازدهار والأمن لصالح الأجيال القادمة، مع الحلفاء والشركاء المقربين.