تشكّل إدارة النفايات الصلبة مسألة بيئية هامّة في فلسطين خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من محدودية الأراضي والموارد. يتمثل التحدي الرئيسي في غياب البنية التحتية والموارد الضروريّة لجمع النفايات ونقلها والتخلص منها. يعتمد نظام إدارة النفايات الحالي على مواقع التّكديس في الهواء الطلق التي تشكل خطرا كبيرا على صحة الإنسان والبيئة. إضافة إلى ذلك، عطّل الاحتلال الإسرائيلي والصراع السياسي المستمر إنشاء نظام فعال لإدارة النفايات في فلسطين. ومع ذلك فقد اتّخذت الحكومة الفلسطينية والمنظمات المحلية والدولية العديد من المبادرات لمعالجة هذه المسألة بما في ذلك بناء منشآت لإعادة التدوير والتّرويج لتصنيع السّماد العضويّ وتنفيذ برامج للحد من النفايات.
تنتج فلسطين سنويّا كمية كبيرة من النفايات. حيث ينذر الازدهار المتزايد والتحضر والاستهلاك باتجاه سريع النمو على مستوى انتاج النفايات ممّا يهدد استدامة المدن والنظم البيئيّة. ورغم أنّ النّفايات تمثّل اشكالا عالميّا كبيرا، فهي قادرة على أن تكون مصدرا لمنتجات ذات قيمة مضافة وعلى تحسين الاقتصادات الوطنيّة إذا تم استغلالها بشكل مناسب.
في إطار مشروع MedTOWN، أطلقت كلّ من مجموعة الهيدرولوجيّين الفلسطينيّين ولجنة الإغاثة الزراعيّة الفلسطينيّة مشروعا نموذجيّا في شهر ماي/مايو 2023 لفرز النّفايات من المصدر، في مدينة بيت الله في محافظة رام الله، يستهدف 100 أسرة. في إطار هذه المبادرة، ستتولّى الأسر فرز النفايات في المنزل ورميها في حاويات منفصلة في كل منزل. قبل المشروع النّموذجي، لم يكن فرز النفايات المنزلية معمولا به وسعيا إلى تعزيز هذه المبادرة وتحقيق الالتزام والاستدامة، سيتم توفير حوافز للأسر الملتزمة بفرز النفايات يوميّا. تم إعداد نظام معلوماتيّ لتيسير الإدارة من خلال تسجيل كمية النفايات التي تفرزها كل أسرة لتحويل الكميّة إلى حوافز أو مكافآت في البلدية.
بذلت مجموعة الهيدرولوجيّين الفلسطينيّين ولجنة الإغاثة الزراعيّة الفلسطينيّة العديد من الجهود الواعية للحدّ من النّفايات وإعادة استخدامها وتدويرها و استخراج القيمة منها من خلال اعتماد مفهوم الإنتاج المشترك والاقتصاد الاجتماعي و التّضامني و الاقتصاد الدّائري مع مبادئ 3R (الحدّ و إعادة التّدوير و إعادة الاستخدام).
اعتمد مشروع MedTOWN مقاربة الاقتصاد الدّائري لتطبيق إدارة فعّالة وشاملة للنّفايات بيد أنّ جدوى إعادة التدوير والتسميد وتحويل النفايات إلى طاقة وغيرها من مشاريع استعادة الموارد تعتمد أساسا على ضمان فرز النّفايات من المصدر. وبالتوازي مع ذلك، لا بدّ من تفعيل السياسات والقوانين المعتمدة فضلا عن تعزيز سن القوانين والتشريعات الداعمة من خلال الحوارات السياسيّة مع الجهات المعنيّة واستكمال تلك الجهود بالممارسة الفعليّة على الميدان بما في ذلك تغيير السلوك والاتّجاه نحو فرز النّفايات من المصدر.
في هذا السياق، سيتم تنظيم أول تظاهرة وطنيّة يوم 28 ماي/ مايو 2023 بهدف المساعدة على معالجة التّداعيات البيئيّة والصحية للممارسات الحاليّة في مجال إدارة النّفايات مع خلق فرص اقتصادية وتعزيز ممارسات الاستهلاك والإنتاج المستدامة صلب المجتمع. كما ستمثّل التّظاهرة فرصة لجمع أهمّ الجهات المعنيّة من الجانب الحكومي والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية لعرض الممارسات المبتكرة في مجال إدارة النفايات وتبادل المعارف والخبرات ووضع استراتيجيات لتوسيع نطاق النماذج الناجحة.
تهدف التّظاهرة إلى رفع الوعي بالتّداعيات السلبية للممارسات الحاليّة لإدارة النفايات وتسليط الضوء على فوائد النماذج البديلة وعرض المبادرات والمشاريع الناجحة وتعزيز التعاون والشراكات بين مختلف الجهات المعنيّة و ضبط التحديات والفرص في قطاع إدارة النفايات في فلسطين ووضع توصيات لصنّاع السياسات و الجهات المعنيّة لرفع هذه التحديات وتعزيز ممارسات الإدارة المستدامة للنفايات.
سيتم توجيه العديد من الرسائل خلال التّظاهرة:
سيتناول النّقاش العراقيل التي تحول دون تنفيذ نماذج بديلة لإدارة النفايات في فلسطين وسيتم إعداد وتقاسم استراتيجيات لتخطّي تلك العراقيل التي نذكر منها على سبيل المثال:
إجمالا، ستشكّل التّظاهرة الوطنيّة للترويج للنماذج البديلة لإدارة النفايات في فلسطين منصة قيمة لرفع الوعي وتبادل المعارف والخبرات وتعزيز التعاون والشراكات من أجل ممارسات لإدارة النفايات تكون أكثر استدامة وتجديدا ممّا من شأنه أن يدفع الاقتصاد الدائري والتضامن الاجتماعي في فلسطين.