أبرزت خطّة عمل الأمين العام للأمم المتحدة 2015 لمكافحة التطرّف العنيف والاستراتيجيّة الاقليميّة للاتحاد الأوروبي الخاصّة بسوريا والعراق لسنة 2016 دور الفاعلين المحلّيّين بمن فيهم أجهزة الحوكمة المحليّة والمجتمع المدني في تنفيذ برامج الوقاية الفعّالة.
تدخل شبكة المدن القويّة ضمن المنصّات المخصّصة للنّهوض بالمقاربة المحليّة لمكافحة التطرّف العنيف وقد تمّ اطلاقها سنة 2015 لتنزيل المدن في مقدّمة جهود الوقاية ولدعمها في إعداد سياسات وبرامج ناجعة للوقاية ضدّ التطرّف العنيف تتماشى مع السياقات المحليّة.
بينما دور الحكومات المحليّة واضح على مستوى التّنسيق وتعزيز أنشطة الوقاية المبكّرة فإنّ الأطراف الفاعلة داخل المجتمعات المحليّة تضطلع بدور محوريّ في تنفيذ الاستراتيجيّات وخطط العمل الوطنيّة لمكافحة التطرّف العنيف.
اعتبارا للدّور الحيوي للفاعلين المحلّيين، تناقش هذه الوثيقة التحدّيات والفرص التي تمّ تحديدها في إطار ارساء شبكة للوقاية تقودها البلديّات في لبنان وتستلهم الوقاية المحليّة في لبنان من نموذج الوقاية الدّنماركي الذي أصبح معروفا حول العالم بداية من سنة 2014 تحت اسم “نموذج آرهوس”.
يشكّل اعتماد برنامج محليّ للوقاية ضدّ التطرّف العنيف النّتيجة الأوليّة للشراكة اللبنانيّة الدّنماركيّة المموّلة من قبل الصّندوق الدّنماركي للسلام والاستقرار والتي تنفّذ منذ سنة 2016 في ثلاث بلديّات لبنانيّة هي بلديّة صيدا وبلديّة طرابلس وبلديّة مجدل عنجر.
تسعى الشراكة الثنائيّة التي يتمّ تطبيقها تحت اشراف الوزير اللبناني للدّاخليّة والبلديّات إلى بناء القدرات المحليّة ضمن البلديّات والمجتمع المدني والعديد من الفاعلين المحلّيين لتنسيق ودعم الأنشطة الوقائيّة من خلال بعث شبكات متعدّدة الأطراف للحماية تثبّت على مستوى البلديّات.
لكن كيف يمكن لنموذج لمكافحة التطرّف العنيف أن ينتقل من سياق إلى سياق آخر وفي هذه الحالة بالذّات من الدّنمارك إلى لبنان؟ ما هي التحدّيات المسجّلة وما هي المطبّات التي يجب تجنّبها عند العمل على اعتماد برنامج للوقاية ضدّ التطرّف العنيف مع الاستلهام من ببرنامج تمّ تصميمه لسياق مختلف تماما؟
تقدّم الوثيقة في البداية لمحة عن المقاربة التي اعتمدتها البلديّة الدّنماركيّة لمكافحة التطرّف العنيف والتي ألهمت فكرة إرساء شبكات محليّة للوقاية في لبنان ثمّ تنتقل إلى مناقشة بعض التحدّيات والدّروس المستخلصة خلال محاولة نقل المقاربة الدّنماركيّة للوقاية ضدّ التطرّف العنيف إلى السياق اللبناني.