تميّزت مبادرة #GH2CampMorocco بحيويّتها وطموحها وقد نظّمتها شبكةMED- GEM بالشراكة مع معهد البحث في الطّاقة الشمسيّة والطّاقات الجديدة. جمع الحدث 40 من المواهب المغربية الشابة بعد أن تلقّى المنظّمون أكثر من 260 مترشّحا لرفع واحد من أشدّ التحدّيات العالميّة إلحاحا يتمثّل في إعداد رؤية وطنية مستدامة للأمونيا الخضراء. بالنسبة لبشرى زوبعة، الطالبة التي توشك على التخرّج في اختصاص الهندسة الكيميائية، شكّل الحدث فرصة العمر.
تقول بشرى في هذا الصّدد: “مساري الأكاديمي هو ما جعلني أتقدّم للمشاركة في هاكاثون الهيدروجين الأخضر. كانت لي بعض المعارف في مجال الطاقة الخضراء وكنت حريصة على الاطلاع على المزيد في الغرض عموما وفي السّياق المغربي على وجه التّحديد. شكّل الهاكاثون بالنّسبة لبشرى مسارا تعليميّا يتناغم مع أهدافها طويلة المدى حيث كانت تريد أن تصبح خبيرة في مجال الهيدروجين الأخضر.
GaFurNu :حلول رائدة للأمونيا الخضراء
في المرحلة الأولى من الهاكاثون الذي التأم خلال شهر جويلية/يوليو 2024، تم تكليف المشاركين برسم خارطة طريق لإنتاج الأمونيا الخضراء. فكّر فريق بشرى في مفهوم مبتكر يسمى “GaFurNu” ، وهو اختصار لأفران الأمونيا الخضراء باللغة الانجليزيّة و كانت الفكرة تقوم على استخدام الأمونيا الخضراء كوقود لإزالة الكربون من أهمّ الصناعات المغربية وخاصة إنتاج الصلب وصناعة الطيران.
تقول بشرى: “حددنا هذه القطاعات كقطاعات أولويّة لأنها من ضمن أهمّ الأنشطة المتسبّبة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في البلاد”. لم تكن الرحلة خالية من التحديات حيث حدّثتنا بشرى عن حدة المنافسة بعد أن تمّ اختيار فريقها للمرور إلى الأدوار النهائيّة: ” شكّلت إدارة الوقت مصدرا كبيرا للتوتّر وكانت التطلّعات عالية، لكن المرافقة التي توفّرت لنا غيّرت حياتنا حيث ساعدنا الخبراء على تجويد مشروعنا وتحويله إلى مشروع قابل للتّنفيذ بدلا من الاقتصار على الجانب النّظري”.
بعد أشهر من التوجيه والعمل الشاق، قدم المتأهلون للأدوار النهائية مشاريعهم خلال القمّة العالمية Power-to-X في مراكش في أكتوبر 2024. احتلّ مفهوم GaFurNu المركز الأول وفاز الفريق بفضل شبكة MED-GEM برحلة دراسية ممولة كليّا من الاتحاد الأوروبي إلى جامعة فريدريش ألكسندر في إرلانغن-نورنبرغ في ألمانيا. تعتبر بشرى أنّ الرحلة مثّلت تجربة مثرية للجميع حيث مكّنت الفريق من مناقشة مسائل تتّصل بالهيدروجين الأخضر مع طلبة مرحلة الدكتوراه ومن استكشاف أحدث التقنيات وكانت بذلك أفضل من ايّ جائزة ماليّة لأنها مفيدة للغاية.
التّفكير في بناء مستقبل أفضل
لم تقتصر بشرى على توسيع خبرتها التقنية بل اكتشفت أيضا أنها شغوفة بإلهام غيرها وتعزيز الابتكار في مجال الطاقة الخضراء صلب مجتمعها. سعيا منها لمشاركة المعارف التي اكتسبتها، اتخذت بشرى خطوات استباقية لإثارة الاهتمام بالهيدروجين الأخضر في جامعتها.
تقول بشرى: “بما أنّني أنتمي إلى كليّة الهندسة، فقد نظمت في جامعتي جلسة لتبادل وجهات النّظر لمشاركة تجربتي في الهاكاثون”. لاقت قصّة بشرى صدى كبيرا لدى أقرانها وأثارت الجلسة التي نظّمتها موجة من الفضول وأعرب العديد من الطلبة عن اهتمامهم الجديد بالهيدروجين الأخضر وإمكاناته التحويلية. أردفت بشرى قائلة: “شرحت لهم كيف يمكن للشباب أن يشارك وشجعتهم على التّسجيل في الهاكاثون القادم أو المشاريع المماثلة”.
بالإضافة إلى ذلك، أثّرت هذه التّجربة بعمق على بشرى فيما يتعلّق بتطلّعاتها الشخصية والمهنية لأنّها خلقت لديها حافزا لاكتشاف ذاتها و إعادة رسم مسارها المهني و قد أكّدت لنا بشرى بأنّ هاكاثون MED-GEM غيّر مجرى حياتها المهنية و أصبحت تفكّر في الانخراط بشكل تامّ في الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة وهو ما يبرز أهميّة الهندسة الهادفة وضرورة أن يوازن الابتكار بين الربحية والمسؤولية البيئية : ” كمهندسة، لا أريد أن يقتصر عملي على المشاريع المربحة ولا بدّ أن تكون دائما مراعية للبيئة.”
عندما طلبنا من بشرى أن تقدّم نصيحة للشباب المبتكر، جاءت نصائحها لتعكس الدروس المستفادة على امتداد مسارها: “عليكم التحلّي بالقدر الكافي من الشجاعة لمشاركة الأفكار التي تؤمنون بها وحتّى لو لم يكن مفهومكم قابلا للتطبيق بنسبة 100٪ فلا تتردّدوا في طلب المشورة والتعلّم وبذل قصارى جهدكم لتحسينه. حافظوا على فضولكم ووسّعوا مجال تفكيركم وتواصلوا مع من يمكنهم مساعدتكم لتحويل أفكاركم إلى حقيقة”.
تفكّر بشرى بكلّ ايجابيّة في مستقبل الهيدروجين الأخضر في المغرب: ” أعتقد أننا سنستخدمه قريبا وسنقطع بذلك خطوة هامّة نحو تحرير مواردنا الطبيعية، وهو أمر هامّ بالنّسبة لكلّ البلدان”.
كان هاكاثون الهيدروجين الأخضر أكثر من مجرد مسابقة بل شكّل منصة للابتكار والتعاون والنمو وبفضل جهود المشاركين مثل بشرى وفريقها، برزت إمكانات المواهب الشابة وقدرتها على تقديم مساهمة مفيدة من أجل التحول الأخضر في المغرب ولتحقيق الاستدامة الشّاملة.
تعمل شبكة MED-GEM ، الممولة من الاتحاد الأوروبي ، على تطوير الإلكترونات والجزيئات الخضراء في الجوار الجنوبي وتتمثل مهمتها في بناء شبكة مستدامة ومكتفية ذاتيا لتعزيز التعاون والحوار بين أهمّ الجهات الفاعلة في قطاع الطاقة. من خلال التركيز على الهيدروجين المتجدد والأخضر، يهدف المشروع إلى تعزيز نمو صناعة الإلكترونات والجزيئات الخضراء على المستوى الإقليمي ودعم مستقبل طاقيّ أنظف وأكثر استدامة. خلال سنة 2024، نظمت شبكة MED-GEM معسكرات وهاكاثون للهيدروجين الأخضر في المغرب ولبنان مع التّخطيط لتنظيم حدثين مماثلين في تونس ومصر خلال سنة 2025. تكتسي هذه الفعاليات أهميّة بالغة لرفع وعي العموم بالحاجة الملحة للتحوّل نحو الطاقة النظيفة في المنطقة مع تمكين المبتكرين الشباب من المساهمة في هذا الجهد العالمي. |