تلقّت 12 رائدة أعمال ليبيّة من مختلف أنحاء البلاد منحا عبر مشروع دعم القطاع الخاصّ في ليبيا EU4PSL المموّل من الاتحاد الأوروبي لفائدة تنمية القطاع العام و دفع التّمكين الاقتصاديّ للمرأة والشباب.
ليس من السّهل أن نوجّه اهتمام الأطفال نحو العلوم والرياضيّات خاصّة عندما نحاول أن نقوم بذلك صلب نظام تربويّ معتلّ و مضطرب. رغم هذه الصّعوبات قرّرت الليبيّة عزيزة آدم (36 سنة) منذ ثلاث سنوات رفع هذا التحدّي.
فرّت عزيزة المختصّة في المعلوماتيّة إلى سيرت بعد أن غزت داعش مسقط راسها ثمّ عادت إلى سبها، جنوب غربيّ ليبيا لأنشاء أكاديميّة العلوم والتكنولوجيا و الهندسة و الرّياضيّات (STEM).
تتذكّر عزيزة أنّها مع مرور السّنوات بدأت تلاحظ تغيّرا في سلوك الأطفال بسبب البيئة الصعبة التي نشأوا فيها حيث أصبحوا يميلون إلى العنف ويهملون المدرسة والتّعليم ككلّ وكانت تخشى أن يؤثّرا ذلك سلبا على قدراتهم الفكريّة وعلى آفاق مستقبلهم.
سعيا منها للتصدّي لهذا التيّار، قرّرت بعث نادي للتّعليم غير الرّسمي مستلهمة في ذلك من شغفها بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات الذي تعمّق لديها من خلال تجربتها كمؤسّسة لفريق القلعة لبناء الرّبوتات. تقول عزيزة في هذا السياق: ” كنت دائما شغوفة بالتّكنولوجيا وطرق التعلم العملية لذلك كانت قدرتي على التّواصل بسهولة مع الذين يفكّرون مثلي ممن آمنوا بقوة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لتطوير القدرات الفكرية والسلوكية العامل الذي قلب الأوضاع رأسا على عقب و قد منحني ذلك الثقة في أنّ النّاس مازالوا يحملون أملا في تغيير مستقبل ليبيا من خلال حلول عمليّة لمشاكلنا اليوميّة”.
بعد أن حدّدت معالم فكرتها، قدّمت عزيزة ملفّها للعديد من البرامج التدريبيّة و المسابقات و من بينها مسابقة رائدات المموّلة من الاتحاد الأوروبي و التي تشرف على تنفيذها مؤسّسة خبراء فرنسا (Expertise France) في إطار برنامج EU4PSL حيث كانت لديها معلومات عن البرنامج الذي يساعد النّساء والفتيات على بعث مشاريهنّ فقرّرت أن تجرّب حظّها.
عرض الأفكار المبتكرة على العموم
كان مشروع عزيزة ضمن 12 مشروعا نسويّا حصل على دعم مالي من أصل 30 مشروعا شارك في المسابقة و قد شرحت لنا المكلّفة بالاتصال في إطار مشروع EU4PSL، سارة بالأمين أنّ المتسابقات تقدّمن مشروعهنّ أمام لجنة التّحكيم التي تقيّم الجدوى التجاريّة للمشروع و قدرته على الدّخول إلى الأسواق و قابليّته للتّوظيف كما بيّنت انّ المسابقة التي يتمّ بثّها عبر التّلفزيون الوطني لا تكتفي بتوفير المنح بل تمكّن المشاريع أيضا من الظّهور للعموم من خلال حلقات يتمّ بثّها اسبوعيّا.
في إحدى الحلقات، تقف ناجية التباوي بكلّ فخر أمام شاشة تعرض صورة ترويجيّة للمسابقة تتمثّل في وعاء بالخضر الطّازجة. تبلغ ناجية 27 سنة وهي أصيلة درنة، المدينة السّاحليّة الواقعة شرق ليبيا و قد فازت للمرّة الثانية بالمنحة لفائدة مشروعها “الوزن المثالي” المتمثّل في مركز مندمج لخدمات التغذية الصحيّة و تخفيض الوزن و الأنشطة الرّياضيّة.
فكّرت ناجية في مساعدة النّاس الذين يعانون من سوء التّغذية في خضمّ الحرب الأهليّة التي طال أمدها في ليبيا لأنّها تعتبر أنّ التّغذية السّليمة هي أساس ازدهار المجتمعات و لا ينبغي إهمالها أبدا و قد أشارت لنا في حديثها عن مشروعها إلى أنّ “الوزن المثالي” ليس برنامج علاج فقط بل هو أيضا مبادرة تربويّة تستخدم مواقع التّواصل الاجتماعي لنشر الوعي بشأن العيش الصحّي داخل المجتمعات المحليّة.
سنة 2020 أطلقت ناجية قناتها على يوتوب حيث تبثّ أشرطة فيديو تفاعليّة حول محاور متعدّدة مثل الصيام والسّمنة والممارسات الطبيّة التقليديّة والتحوّلات الهرمونيّة وقد شدّت في غضون سنتين انتباه أكثر من 4000 متابع تتفاعل معهم يوميّا. مكّنها الفوز في المسابقة من اقتناء بعض التّجهيزات الطبيّة للمركز وهي الآن تخطّط لفتح المزيد من الفروع عبر البلاد لتغطّي عددا أكبر من النّاس بخدماتها.
منذ سنة 2019، وفّر برنامج EU4PSL 36 منحة بقيمة 120 ألف يورو لفائدة رائدات الأعمال مساهما بذلك في خلق أكثر من 90 فرصة عمل لذلك تعتبر سارّة بالأمين أنّ المسابقة طريقة رائعة لتمكين النّساء من كافّة المناطق الليبيّة و لمساعدتهنّ على الحصول على الموارد و الثقة في الذّات لبلوغ أهدافهنّ و رفع التحدّيات و تكثيف تأثيرهنّ الايجابيّ على مجتمعهنّ المحليّ.
أضافت سارّة قائلة: ” تتماشى المسابقة تماما مع الهدف العامّ لمشروع EU4PSL المتمثّل في دعم القطاع الخاصّ كمحرّك للاقتصاد والنموّ من خلال دفع بيئة الأعمال في ليبيا ومساعدة روّاد الأعمال على النّفاذ إلى المعارف والتّمويلات”.
ربط الصّلة بين النّساء من أجل مستقبل أفضل
إضافة إلى الجائزة الماليّة التي تقدّمها المسابقة، تعتقد ناجية أنّ المسابقة مثّلت بالنّسبة لها فرصة قيّمة لتّطلع العديد من النّساء الرّائدات على مشروعها وأفكارها ولتربط معهنّ علاقة متينة لبناء مستقبل أفضل لليبيا.
تقدّم كلّ حلقة من البرنامج مسار رائدات أعمال ليبيّات نجحن في مشاريعهنّ تليها جلسات تشبيك لربط الصلة بين المتباريات والعديد من المستثمرين والزبائن المستقبليّين و الموظّفين المحتملين و تقول سارّة بالأمين في هذا الصّدد:” مكّنتهنّ جلسات التّشبيك من بناء شبكة متينة و نسج علاقات مفيدة لأنّ التّشبيك يكتسي أهميّة بالغة لخلق الفرص و الدّعم و المعارف و النموّ”.
وأكّدت سارّة بكلّ فخر أنّ ” العديد من رائدات الأعمال اللاتي شاركن في المسابقة أقمن شراكات وعلاقات تعاون مفيدة بينهنّ أو مع جهات أخرى التقين بها في إطار المجموعة التي كوّنها مشروع EU4PSL”
بعد تنظيم المسابقة لسنتين متتاليتين، كافأت “رائدات” مشاريع في العديد من المجالات مثل الأغذية العضوية والخزف وإدارة النفايات وخدمات التصوير الفوتوغرافي والأسنان الاصطناعيّة والمساعدة الطبية.
من ضمن الفائزات بجائزة “رائدات” نذكر فاطمة، صانعة المجوهرات، التي استعملت المنحة لفتح متجر خاصّ بها لبيع مجوهرات تحمل علامة ليبيّة وتقديم خدمات الصيانة و التّصليح؛ و شعبانة التي تبيع لوازم الخياطة و تقدّم تدريبات مهنيّة في اختصاص الخياطة و التّطريز في وادي عتبة؛ و مودة التي أطلقت أوّل تطبيقة لتصنيف الاقامات لقضاء العطلة في مختلف أنحاء ليبيا.
تابعوا أكاديميّة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات على:
تابعوا الوزن المثالي على:
المشروع الأوروبي لدعم القطاع الخاصّ في ليبيا EU4PSL هو مشروع يموّله الاتحاد الأوروبي وتشرف على تنفيذه مؤسّسة خبراء فرنسا (Expertise France). يسعى المشروع إلى تحسين بيئة الأعمال في ليبيا لخلق النموّ الاقتصادي وفرص العمل بالتّركيز خاصّة على النّساء والشباب.
يعمل المشروع مع السّلطات الحكوميّة ومنظّمات المجتمع المدني وروّاد الأعمال لبعث مناخ يستطيع فيه الشباب والنّساء خلق فرص للعمل خاصّة بهم وتحويل أحلامهم إلى مشاريع.
يدخل مشروع EU4PSML في إطار الدّعم الذي يقدّمه الاتحاد الأوروبي لفائدة تنمية القطاع الخاصّ في ليبيا على غرار برنامج “دعم ليبيا في التكامل الاقتصادي والتنوع والتّنمية المستدامة SLEIDSE” الذي تشرف أيضا على تنفيذه مؤسّسة خبراء فرنسا.