خلق مسارات تعاونيّة للثقافة – مهرجان فريد من نوعه في لبنان مخصّص للأفلام البيئيّة

أكتوبر 5, 2022
مشاركة في

لطالما حلمت الشابة اللبنانية ساندرا سليمان بمدّ جسر بين الثقافة والطبيعة من خلال الطّاقة التي تحملها الأفلام وقد تمّكنت من خلال مبادرة ريف REEF (اللقاءات الريفية حول البيئة والسينما) المموّلة من الاتحاد الأوروبي من جلب الحياة الثقافية إلى المناطق الريفية في لبنان في إطار حدث يتواصل على امتداد أربعة أيّام تحفل بالأنشطة السينمائية والاجتماعية التي تركّز على محور البيئة.

 

بعد حصولها على درجة الماجستير في إدارة وحفظ الموارد الطبيعيّة في بيروت، وجدت ساندرا سليمان نفسها بشكل غير متوقّع في دائرة الضّوء عندما حقّقت اكتشافًا رائدًا في مجال الفطر البري حيث اكتشفت 16 نوعا جديدا من الفطر في لبنان، ثمانية منها جديدة على صعيد العالم وتستذكر ساندرا تلك الفترة بقولها: ” ولّد ذلك الاكتشاف الكثير من الأمل لدى النّاس كما أثار الإنجاز الكبير الذي حقّقته للبنان فتاة تنحدر من منطقة ريفيّة نائية (عكار) إحساسا بالنّخوة ضمن الدّوائر العلميّة لكن بالنّسبة لي كان ذلك يعني أيضا أنّه لا بدّ لي أن أرجع إلى جذوري وأن أوظّف خبرتي لصالح مجتمعي المحلّي ولصالح قومي”.

قرّرت ساندرا الرّجوع إلى منطقة عكار الواقعة أقصى شمال لبنان وأن تطلق نشاطا جديدا تماما يتمثّل في لامركزيّة الثقافة.

 

العود إلى الجدور: مشروع ريف (اللقاءات الريفية حول البيئة والسينما)

تعاونت ساندرا في مسقط رأسها مع منظّمة غير حكوميّة محليّة “مجلس البيئة” لإطلاق مبادرة ريف وهو مشروع فريد من نوعه يقوم على “مفهوم مستجدّ في العالم العربي” حيث تشير ساندرا إلى أنّه من غير المعتاد أن نرى مهرجانات سنيمائيّة متعدّدة الاختصاصات يتمّ تكريسها للحياة الرّيفيّة وللبيئة.

وكلّ ذلك …مجانا!

بدأت ريف بفكرة جلب السينما إلى المجتمعات المحرومة في قضاء عكار والهرمل مع دفع قصصهم نحو صدارة المناقشات الوطنيّة حول البيئة واللامركزية والتماسك الاجتماعي.

وعوض الاكتفاء بعرض الأفلام قرّرت المبادرة إنجاز ذلك العمل عبر مسالك مبتكرة: ” نحن نعيش حقّا أجواء عائليّة ونرحّب بالجميع مهما كان سنّهم وشغفهم لذلك لدينا برنامج متنوع يشمل عروض الأفلام ومسابقات لإنتاج الأفلام القصيرة والنّقاش والحوار وورشات للرّسوم المتحرّكة… وحتّى التنزّه مشيا على الأقدام!

عندما طلبنا منها أن تلخّص لنا مبادرة ريف في كلمة واحدة تردّدت ساندرا قبل أن تقول:” نحن إجمالا مجموعة من أحبّاء الطبيعة وأحبّاء السينما والممثلين والأطفال والمنتجين والحرفيّين المحلّيين! هدفنا يتمثّل في إبراز جمال الطبيعة في عكّار وجانبها الأثري”.

 

 

التّحالفات الثقافيّة: قوّتنا في وحدتنا

تحت مظلّة برنامج التّحالفات الثقافيّة المموّل من الاتحاد الأوروبي، وحّدت المنظّمة غير الحكوميّة التي أنشأتها ساندرا جهودها مع مجلس البيئة وجمعيّة بيروت دي سي والجمعيّة الثقافيّة بالهرمل وجمعيّة المنتدى لتنظيم المبادرة وتوجيهها لتستجيب على أفضل وجه للاحتياجات والموارد المحليّة.

انطلق مشروع التّحالفات الثقافيّة في شهر جانفي/يناير 2021 وهو مشروع اقليميّ يمتدّ لسنتين ويهدف إلى تعزيز استثمار الكيانات الثقافيّة في التّعاون المستدام لدعم تعزيز النظام البيئي الثقافي وتيسير النفاذ إلى الثقافة. وهو يسعى إلى دعم الشباب على غرار ساندرا ” لتصوّر وإرساء مسارات جديدة وشاملة وتعاونية للمشاهدين ومدّ الجسور بين الحركات الاجتماعية والثقافية والبيئية”.

قالت لنا ساندرا بكلّ حماس: ” من خلال اللقاء تحت مظلّة هذا التّحالف تعلّمنا كيف نتولّى تنظيم مثل هذه التّظاهرات، بل نحن الآن نسعى إلى توسيع نطاقها!”

شاركت ساندرا في العديد من التّدريبات والورشات وجلسات المرافقة ممّا مكّنها من تحويل أفكارها المتعدّدة إلى مشاريع ومخطّطات استراتيجيّة.

يعمل الثلاثي الآن على توسيع نطاق مشروع ريف ليغطّي أقضية أخرى بما في ذلك قضاء الهرمل والقبيات:” سننظّم سنة 2023 مهرجانا آخر في الهرمل وهي منطقة محرومة جدّا فيما يتعلّق بالثقافة”.

تعتبر ساندرا أنّ الأفكار مهما كان نوعها لا يمكنها أن تكون مضيعة للوقت: ” مهما كان الاستثمار الذي ننجزه في مجتمعنا المحليّ لا شكّ في أنّنا سنجني الثمار لاحقا! عندما يتحد الناس، يتم تجميع الأفكار والآراء ويمكن للمشاريع الكبرى أن ترى النّور لإحداث تغيير حقيقيّ في أيّ مكان نريد”.

 

ثقافة داير ما يدور هو برنامج تعاونيّ ومترابط يمتدّ على أربع سنوات، يهدف إلى إرساء بيئة ثقافيّة حيويّة لخلق إطار ملائم للاندماج الاجتماعي والاقتصادي للشباب في سبع بلدان في المنطقة العربيّة. يشارك الاتحاد الأوروبي في تمويله تحت مظلّة ” الشراكات الدوليّة”، برنامج دعم الشباب والثقافة في الجوار الجنوبي.

 

التّحالفات الثقافيّة هي واحد من المكوّنات الخمسة لبرنامج ثقافة داير ما يدور تتولّى تنفيذه المنظّمة غير الربحيّة الاقليميّة ” Culture Resource”. انطلق مشروع التّحالفات الثقافيّة في شهر جانفي/يناير 2021 بهدف تعزيز المنظومة الثقافية في المنطقة العربيّة وتيسير ودفع النّفاذ إلى الثقافة.

يتولّى البرنامج تحقيق أهدافه من خلال دعم 12 ائتلافا ثقافيّا يشمل 36 كيانات ثقافيّة تسعى إلى   تطوير قدرتها على التأقلم والانخراط في تحالفات تعاونيّة و شراكات موسّعة على المستوى المحلّي و الوطني والإقليمي.

اقرأ في: English Français
العلامات
الثقافة