يتمتّع الفائزان الجزائريّان في مسابقة “صوّر وتقاسم” التي نظّمها مشروع الجوار الأوروبي جنوب بمواهب متعدّدة فمنال البناني، 24 سنة، في نهاية دراستها في اختصاص الطبّ لها مواهب في فنّ الخطابة أمّا طارق لزار، 31 سنة، الفائز الأوّل في المسابقة هو محامي وأستاذ في مدرسة الفنون الجميلية بقسنطينة ومصوّر محترف.
في شهر أفريل 2018، أطلق مشروع الجوار الأوروبي جنوب مسابقةً للصّور الفوتوغرافيّة لفائدة الشباب بين 18 و35 سنة من الجزائر ومصر والأردن ولبنان وليبيا والمغرب وفلسطين وتونس وطلب من المترشّحين تقاسم صورة التقطوها تمثّل التّغيير الإيجابيّ الذي يحدثه الاتحاد الأوروبي في حياتهم أو على مستوى مجتمعهم المحلّي وقد استوفى الفائزان الجزائريّان كافّة معايير الانتقاء.
صوت الشباب
السيّدات أوّلا لذلك سنبدأ بمنال البنّاني التي تحصّلت على المرتبة الثانية في المسابقة!
تنحدر منال من المدية على بعد 80 كلم غرب الجزائر العاصمة. تحصّلت سنة 2012 على شهادة البكالوريا العلميّة بتفوّق ممّا مكّنها من الالتحاق بكليّة الطبّ في جامعة البليدة (على بعد 50 كلم من العاصمة) وقالت لنا منال: ” أنا عضوة في الهلال الأحمر في المدية وبعد دخولي إلى الجامعة أحسست بسرعة بضرورة مواصلة عملي التطوّعي لذلك انضممت إلى أكسيجون البليدة وهي مجموعة من الشباب المتطوّع تنظّم أعمالاً خيريّةً”.
شاركت منال في جلسات مخصّصة للتحدّث في المنتديات العامّة وانخرطت في قسم البليدة من جمعيّة المثقّفين وطلبة العلوم الاقتصاديّة والتجاريّة ثمّ في سنة 2014 وبفضل أحد أعضاء الهلال الأحمر اكتشفت برنامج أصوات الشباب العربي الذي تنجزه جمعيّة أنا-ليند والمجلس الثقافي البريطاني بدعم ماليّ من الاتحاد الأوروبي يصل إلى 3.3 مليون يورو.
يتميّز هذا البرنامج الذي انطلق سنة 2011 بكونه يمكّن شباب البلدان العربيّة من التّحاور بشأن قضايا السّاعة على غرار الأمن وأزمة اللاجئين وبطالة الشباب والاقتصاد ثمّ يعرض المشروع نتائج الحوارات على هيئات الاتحاد الأوروبي لتأخذها بعين الاعتبار عند تنفيذ السياسات الأوروبيّة وقد بيّنت لنا منال بكلّ فخر أنّ البرنامج مكّنها من تنمية قدراتها في مجال المناصرة والحوار كما حثّ عملها طلبة الطبّ على النّفاذ إلى برنامج ايرسموس”.
تشمل الصّورة التي مكّنت منال من الفوز في المسابقة فسيفساء لصور في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك وأمام مقرّ جهاز العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي في بروكسل وصورًا لنشاط نظّمه برنامج صوت الشباب العربي في مالي.
تتطلّع منال إلى المستقبل بكلّ الشّغف الذي تعيش من خلاله حاضرها ففي غضون بضعة أشهر ستكون انتهت من سنوات الدّراسة الطّويلة في اختصاص الطبّ وهي تنوي التوقّف لفترة ما لتنظمّ إلى المنظّمة غير الحكوميّة أطبّاء بدون حدود: “لأنّني أريد المشاركة في أعمال خيريّة في بلدان أخرى ثمّ سأنهي تخصّصي إذ أحلم بأن أصبح طبيبة أشعّة”.
نحّاسو قسنطينة في دائرة الضّوء
أمّا الآن فلنتعرّف على الفائز بالجائزة الأولى لمسابقة صوّر وتقاسم.
طارق لزار هو أصيل مدينة قسنطينة (400 كلم شرق الجزائر) المشهورة بجسورها المعلّقة. طارق متعدّد المهارات فهو متحصّل على شهادتي بكالوريا وعلى شهادة في التقنيات البنكيّة والماليّة وشهادة أخرى في التّشغيل الآلي كما تحصّل سنة 2011 على الاجازة في العلوم القانونيّة والاداريّة. فسّر لنا ذلك بقوله:”درست الحقوق لأصبح محاميًّا لكن ما أن تحصّلت على شهادة الكفاءة في مهنة المحاماة خيّرت التوجّه نحو مسار مهنيّ فنيّ” وتابع في سبيل ذلك دورات تدريبيّة مختلفة من التّصوير بالفيديو إلى التّركيب والتّصميم الرّقمي والتّصوير الفوتوغرافي وصولا إلى الاقتباس السينمائي.
بعد أن عمل كمصوّر فيديو في البرامج التلفزيّة التحق طارق بجامعة علوم الاتصال وبمعهد الفنون الجميلة في قسنطينة ليدرّس فنّ التّصوير الفوتوغرافي: ” في يوم من الأيّام جاءني أحد طلبتي في اختصاص التّصميم وكان يتعاون مع مشروع للاتحاد الأوروبي يعمل على تنظيم رابطة نحّاسي مدينة قسنطينة وأعلمني أنّ المنسّقة المحليّة للمشروع، رجاء فرجاني تبحث عن مصوّر مهنيّ لالتقاط صور للمنتجات النحاسيّة التي ينجزها الحرفيّون بهدف إعداد فهرس خاصّ بها”.
انطلق المشروع الإقليمي ” تنمية مجامع الصّناعات الثقافيّة والإبداعيّة في جنوب المتوسّط” سنة 2014 بتمويل مشترك بين الاتحاد الأوروبي والوكالة الايطاليّة للتّعاون الإنمائي بقيمة 6,8 مليون يورو وأشرفت على تنفيذه منظّمة الأمم المتّحدة للتّنمية الصناعيّة وهو يهدف إلى دعم نحّاسي قسنطينة وصائغي باتنة ومن خلاله بدأ التّعاون بين الفنّانين من نفس المدينة وبين مصوّر وفنّانين يعملون على تكريس تقاليدهم العريقة.
شرح لنا طارق تلك العلاقة بقوله:” قبل تعاوني مع المشروع لم أكن أعلم أنّ أهالي قسنطينة يتقنون مثل هذه التّقنية المعقّدة والفريدة من نوعها عالميًّا في صناعة النّحاس فقد كنت أمرّ من حيّ النحّاسين مثل عامّة النّاس دون أن أعلم أنّهم ينتجون ثروةً حقيقيّةً”.
تمكّن طارق لزار على امتداد سنة كاملة من تخليد عمل النحّاسين واستثمر في ذلك كافّة مشاعره وقد استخدمت إدارة المشروع صوره لإنجاز الفهرس وموقع الأنترنت والعديد من الوسائط الاتصاليّة ومن بينها أربع صور تمثّل جيلين من الحرفيّين شارك بها طارق وفاز بمسابقة “صوّر وتقاسم” التي نظّمها مشروع الجوار الأوروبي جنوب.
يعمل طارق لزار اليوم كمصمّم صور رقميّة لدى مجموعة هامّة للصّناعات الغذائيّة في المنطقة وقال لنا:” شرعت في مغامرة جديدة وأنا محظوظ بوجودي في بيئة تسمح لي بتطوير مفاهيم جديدة خاصّةً على المستوى الفنّي وأنا مستعدّ للمشاركة في أيّ مشروع أوروبيّ آخر إذا ما توفّرت لي الفرصة “.
يؤكّد الاتحاد الأوروبي من خلال هذه المسابقة للصّور الفوتوغرافيّة والعديد من المبادرات الأخرى على الاهتمام الذي يوليه للشباب في بلدان الجوار علمًا وأنّ عددًا من الأنشطة الأخرى مبرمجة في إطار الحملة #EU4YOUTH التي تتواصل حتّى سنة 2020.