فارس الغضباني هو رائد أعمال تونسي انتفع من الدّعم الذي تقدّمه جمعيّة مبادرة تونس في إطار برنامج Innov’i – EU4Innovation و تمكّن بفضل ذلك من دفع مؤسّسته النّاشئة Livrina إلى مستويات متقدّمة حيث وسّع أنشطتها لتغطّي العديد من المدن التّونسيّة و كذلك بوركينا فاسو.
تختصّ جمعيّة مبادرة تونس في مساندة الجهود في مجال ريادة الأعمال والنموّ في المناطق الدّاخليّة التونسيّة.
من وظيفته كطالب إلى بعث مؤسّسة ناشئة: رحلة فارس الغضباني مع Livrina في القصرين
من مدينة القصرين وسط غرب تونس، انطلقت رحلة فارس الغضباني، المهندس في الاعلاميّة لتأخذه من الدّراسة الجامعيّة في فرنسا إلى ريادة الأعمال بعد العودة إلى مسقط رأسه حيث ترك قلبه وروحه.
بدأت قصّة فارس في فرنسا أين بدأ التّفكير في بعث مشروعه الخاصّ بعد أن اتّخذ له وظيفتين لتمويل دراسته إذ عمل كعون تسليم وكمكلّف بالتّسويق لفائدة عدد من المتاجر. يقول فارس: ” كان مجرّد عمل لطالب مازال في طور الدّراسة لكنّني تبيّنت فيما بعد أنّ تلك التّجربة هيّأتني للقيام بما هو أهمّ”.
عندما تفشّت جائحة كوفيد 19، وجد فارس نفسه في مفترق طرقات. كان آن ذاك قد عمل على مشروع جامعيّ يتطلّب تصميم موقع واب/تطبيقة فخامرته فكرة بعث ذلك المشروع:” كان كلّ شيء جاهزا لإنجاز مشروع لتسليم الطلبيّات فقلت لنفسي لما لا أطلق المشروع فعلا؟”
كأيّ مسعى طموح، كانت للرحلة نصيبها من العراقيل والصّعوبات من صياغة نموذج أعمال قابل للتطبيق إلى تأمين الأموال، كان المسار محفوفا بالتحديات لكن بفضل تصميمه وثباته وتوجيه أساتذته، أطلق فارس Livrina
ليست Livrina مجرّد تطبيقة أخرى للتّسليم بل جاءت لتترجم الفهم الجيّد الذي يحمله فارس لمدينته حيث صمّمها على نحو يجعلها تستجيب الى التّعقيدات التي تطرحها الأسواق المنحصرة داخل مدينة صغيرة الحجم فوجدت Livtina صداها لدى الزّباء والمستخدمين كما أنّ تجربة فارس في عالم التّسويق أفادته كثيرا ومهّدت الطّريق لانخراط العديد من الشركات. يقول فارس وهو يستذكر تلك المرحلة:” في 2020، لم يكن مفهوم التّسليم منتشرا في تونس لكن بشي ء من الصّبر والمثابرة نجحنا في خلق مكان لنا داخل السّوق”.
واجهت Livrina أيضا العديد من المشاكل التي تعيشها جلّ المؤسّسات النّاشئة في المراحل الأولى من حياتها إذ صارحنا فارس بأنّه كان على امتداد أولى سنتين من بعث مشروعه يدرس و يعمل في فرنسا مع الاشراف على المشروع الذي بعثه في القصرين: ” وصل بي الأمر إلى استثمار المال الذي أربحه من عملي في مجال التّسليم لأحافظ على سير المشروع”.
لم تنل هذه المصاعب من تصميم فارس بل زادته عزما على النّجاح وتمكّن مع مرور الوقت من توسيع نطاق Livrina إلى أن عبرت الحدود وبعد أن كانت تنجز 10 عمليّات تسليم في اليوم داخل مدينة واحدة وصل العدد إلى 400 عمليّة تسليم عبر العديد من المدن.
نموّ Livrina بدعم من مبادرة تونس
عرفت Livrina مرحلة حاسمة في مسارها التّنموي من خلال الدّعم الذي قدّمته لها مبادرة تونس في إطار مشروع Innov’i – EU4Innovation المموّل من الاتحاد الأوروبي حيث مكّنها ذلك من توسيع أفقها لتغطّي مدنا أخرى في البلاد التّونسيّة و حتّى في الشّوارع الصّاخبة للعاصمة البوركينيّة، واغادو غو ومازالت طموحات فارس كبيرة فهو يرى Livrina في المستقبل تحتلّ مرتبة الصّدارة في السّوق التّونسيّة وغيرها من الأسواق.
لم يقتصر التّعاون بين مبادرة تونس وفارس على الدّعم الماليّ بل كانت شراكة قائمة على رؤية يتقاسمها الطّرفان وعلى سعي متقاسم نحو الابتكار ويقول فارس في هذا الصّدد:” قدّم لنا فريق مبادرة تونس توجيهات منتظمة ودعما مستمرّا وكانوا دائما يتّصلون للاطمئنان على أحوالنا ومسارنا”.
كما مكّنت مبادرة تونس فارس من فرص قيّمة للتّفاعل مع نظرائه من روّاد الأعمال حيث يعتبر فارس أنّ ذلك التّفاعل وتبادل وجهات النّظر كان له دور محوريّ في صقل استراتيجيّاته وتمتين التّعاون بين المؤسّسات النّاشئة:” مكّنني ذلك التّعاون من العديد من فرص التّشبيك وتقاسم الخبرات مع روّاد الأعمال ومع المستثمرين أيضا”.
VivaTech هي ندوة للتكنولوجيا تلتئم سنويّا في باريس و هي إحدى فرص التّشبيك التي أمّنتها مبادرة تونس لفائدة فارس الذي قال بشأنها : ” كانت فرصة عظيمة للتّشبيك والاطّلاع على التكنولوجيات والابتكارات الرّائدة في العالم”.
مبادرة تونس: تمكين الابتكار في المناطق الدّاخليّة التّونسيّة بدعم من برنامج Innov’i
تشرف جمعيّة مبادرة تونس على تنفيذ ” برنامج دعم الابتكار في المناطق الدّاخليّة التّونسيّة” وهو مبادرة استشرافيّة يدعمها برنامج Innov’i-EU4Innovation (2019-2024) بتمويل من الاتحاد الأوروبي.
تهدف المبادرة إلى تعزيز منظومة ريادة الأعمال والابتكار في تونس وهي مخصّصة لتمكين الهيئات وكافّة المساعي التي تعزز نمو ريادة الأعمال المبتكرة في تونس وتنظيمها واستمراريّتها وبروزها.
منذ انطلاقه سنة 2020، اضطلع “برنامج دعم الابتكار في المناطق الدّاخليّة التّونسيّة” بدور محرّك الابتكار في خمس جهات داخليّة هي مدنين وقفصة والقصرين وسيدي بوزيد وجندوبة.
في الواقع، ليست مبادرة تونس جمعيّة فحسب بل هي حركة تسعى إلى تعزيز التنمية الاقتصاديّة المحليّة وتوحيد الجهات المعنيّة وتمكين روّاد الأعمال من الأدوات الضروريّة لنوّهم. تتكوّن المبادرة من “منصّات” محليّة تعمل كلّ منها على نحو مستقلّ وتتعاضد فيما بينها لتقديم خدمات لامركزيّة هامّة لفائدة روّاد الأعمال في مختلف المناطق الدّاخليّة التّونسيّة.
يتمثّل حجر الزاوية في نظام الدعم هذا في قرض فخري وهو خطّ تمويل دون فائدة مصمم خصيصا لرواد الأعمال لتمكينهم من شريان ماليّ دون العراقيل التي تتطلّبها التّمويلات التقليدية مثل الضمانات أو الودائع.
يوفر القرض الفخري لرواد الأعمال الدعم المالي اللازم ويعمل أيضا كمنصة للإرشاد حيث يحصلون على فرص لتحسين خطط أعمالهم والتفاعل مع مهنيّين متمرّسين والاطّلاع على وجهات نظر مختلفة ضمن شبكة من النّظراء.
وضّحت لنا درّة، الأمينة العامّة لجمعيّة مبادرة تونس، الفلسفة التي تقوم عليها هذه المقاربة بقولها:” عندما يسدّد المنتفع من القرض الفخري ما عليه، نستطيع تمويل غيره من روّاد الأعمال”.
يجسد هذا النموذج الدوري مبدأ النموّ القائم على المجتمع المحلّي وهو أمر لا يقتصر على المعاملات المالية بل يتعلّق أيضا ببناء منظومة مزدهرة حيث تمهد قصص النجاح الطريق للابتكارات المستقبلية وبالنسبة لجمعيّة مبادرة تونس، رائد الأعمال النّاجح لا يمثّل مشروعا ناجحا فحسب بل هو تجسيد لتحقيق الأحلام وارتقاء المجتمعات المحليّة وتغيير المستقبل نحو الأفضل.
التزام مبادرة تونس بدعم الابتكار في المناطق الدّاخليّة التّونسيّة هو الدّليل على القوّة التحويليّة للعمل والجهود الجماعيّة إذ تشكّل الجمعيّة، في خضمّ مشهد ملغّم بالتحدّيات و المصاعب، منارة للعديد من روّاد الأعمال ليتبيّنوا أنّه مهما كانت أحلامهم جريئة يمكنهم أن يجدوا المجال لتحقيقها.