المسافر المغامر وراوي القصص

 

في سن التّاسعة والعشرين يقول محمّد مازحا أنّه لم يتجاوز الخامسة ويشرح ذلك بأنّ عمره لم ينطلق سوى عندما بدأ في رحلة من الاستكشاف والاكتشاف في بلده وفي بلدان أخرى ممّا مكّنه من الاطّلاع على طرق عيش وثقافات متعدّدة وفتح ذهنه وغذّى قدرته على التكيّف.

 

في سنّ المراهقة، كان محمد شغوفا بالسينما ورغم معارضة أسرته ادخر من ماله الخاص ليشارك في دورة تدريبيّة مكثفة في التصوير السينمائي. تحصّل محمّد على شهادة جامعيّة في اختصاص الهندسة لكنّه لم يعمل أبدا في هذا المجال وظلّ وفيّا للمجال الذي أحبّه.

 

في البداية، دفعته روح المغامرة إلى استكشاف مناطق داخل لبنان ليطّلع على جواهر مغمورة لم يكتشفها لا السكّان المحليّون ولا السيّاح. أمام الجمال الخلّاب لتلك المناظر الطبيعيّة المغمورة، عقد العزم على تسليط الضّوء عليها وتحوّل محمّد بذلك إلى صناعة المحتوى وجعل من منصّته وسيلة لعرض الجمال الخفيّ لتلك الجهات والبلدان. أنشأ محمّد أيضا ناديا للمشي يلتقي فيه النّاس للذّهاب معا إلى تلك الدّرر المكنونة. انتقل محمّد إثر ذلك إلى تنظيم الجولات لفائدة السيّاح بمرافقة مرشدين سياحيّين ليتقاسم من خلال عمله حبّه للأنشطة في الهواء الطّلق وخاصّة المشي.

 

يشمل المحتوى الذي يصنعه محمّد السّفر والطبيعة والثقافة والقصص حول المناطق والبلدان المغمورة. ركز في البداية على مدينته طرابلس لأنّه يؤمن أنّها تستحقّ المزيد من البروز والتّقدير ومع سفره خارج مسقط رأسه إلى بلدان مختلفة توسّع نطاق اهتمامه وبدأ في نشر قصص فريدة من نوعها حول كل مكان يزوره. خلال السّفر، ينخرط محمد في طرق العيش المختلفة ويغوص في الثقافات المحليّة معتمدا في ذلك على قدرته الفطريّة على التكيّف وعلى استعداده بكلّ حماس لخوض تجارب جديدة.

 

تمثّل الأصالة حجر الزاوية في عمل محمد حيث يعتمد الصّدق مع ذاته في مشاركته لتجارب سفره وعرض الجوانب الإيجابية والسلبية للرحلات التي يقوم بها وحتى في الحالات التي من شأنها أن تثير الجدل مثل زيارته العراق وكردستان، اعتمد محمّد الصّدق، حتّى لو تعرّض بسبب ذلك إلى ردود فعل عنيفة.

 

يريد محمد كسر الصور النمطية عن طرابلس ولبنان وأيضا عن البلدان التي يزورها والثقافات التي يستكشفها ومن خلال سرد القصص واعتماد زاوية نظر أصيلة في معالجة المواضيع، يسعى إلى سد الفجوات بين المجتمعات المختلفة وتعزيز فهمنا ومزيد تقديرنا لإنسانيتنا المشتركة.

 

كرّست مشاركة محمد في مسابقة #InTheirEyes إيمانه بقوة التبادل الثقافي وأوجه التشابه بين الناس رغم التنوّع والاختلاف. في البداية، كان الاتحاد الأوروبي يعكس لديه صورة نائية ومنفصلة، لكنّه تبيّن أنّ التحديات التي تواجه الشباب في أوروبا هي نفس التحدّيات المسجّلة في لبنان مّما خلق لديه شعورا بالتّقارب والودّ لا فقط تجاه الشباب الذي تواصل معه من خلال البرنامج بل أيضا تجاه الاتحاد الأوروبي.

اقرأ في: English Français
العلامات
الثقافة الشباب المجتمع المدني