يوسف الادريسي فنّان متعدّد المواهب بعد أن عمل على محامل مختلفة للتّعبير عمّا يخالجه فهو في نفس الوقت مكلّف بالعمل الثقافي ومنسّق أغاني ومهندس أو باحث فنيّ ولا يرضى لفضوله التّجريبيّ بأيّ حدّ أو حاجز. قد يبدو لنا هذا المسار للوهلة الأولى كرحلة مضطربة في معترك الحياة دون هدف واضح لكن عندما نمعن النّظر نتبيّن انّ يوسف كان له هدف محدّد من خلال ذلك المسار فهو يسعى إلى إعادة بناء الرّوابط التي كانت تصل المجتمعات المحليّة فيما بينها وإلى تمكين كلّ فرد من استرجاع حقّه في الفضاء الاجتماعي المشترك. يقول يوسف في هذا الصّدد” لقد انخرطت منذ فترة طويلة في العديد من الجمعيّات والمنظّمات التي تركز على الموسيقى والفلسفة والإنتاج الثقافي لكن حركة 20 فبراير هي التي دفعتني نحو الاطّلاع على المزيد بشأن مسألة الفضاء العام وكيف يشغله المواطنون.”
بما أن يوسف مقتنع بأن التغيير لا يمكن أن يحدث إلا في كنف الوحدة، فهو يعمل على تشجيع الناس على المشاركة في الإبداع على نحو استباقيّ مع التّوظيف التامّ للموارد التي توفّرها بيئتهم: ” ليست مسألة الفضاء مجرد قضيّة نظريّة بل هي تستند بدرجة كبيرة إلى الواقع وتؤثّر على كل جانب من جوانب الحياة. لذلك فنحن بحاجة إلى استعادة الفضاءات العامة وجعلها آمنة ليتمكّن النّاس من التّواجد داخلها”.
مع konaktif “كن نشطا” يجري يوسف بحثا تشاركيّا حول” جغرافيا العقل ” بين الدار البيضاء وشفشاون باستخدام فن الفيديو والقصص والشعر. من خلال مشاركته في البرنامج الإقليمي الممول من الاتحاد الأوروبي “ثقافة داير ما يدور” وبالتحديد في مشروع «مبادرات ثقافية ومدنية يقودها الشباب» يسعى يوسف إلى ربط المدينتين وإيجاد نقاط التقاء لفهم كيفيّة تعامل كلّ مواطن وفنّان وحرفيّ مع الفضاء العامّ وكيف يتملّكه وكيف يمثّله وقد شرح لنا يوسف ذلك بقوله: ” الهدف من هذا العمل هم شدّ الانتباه وتحفيز التّفكير لأنّ تنمية التّفكير النّقدي من شأنه أن يجعل النّاس يسترجعون فضاءهم وحقوقهم”.
يسعى برنامج «ثقافة داير ما يدور» إلى تعزيز منظومة حيوية ثقافية، كونها المناخ اللازم لتمكين الشباب مجتمعياً واقتصادياً، وذلك في سبعة بلدان في المنطقة العربية بما في ذلك الأردن، تونس، الجزائر، فلسطين، لبنان، المغرب ومصر إلى جانب الأفراد والكيانات السورية والليبية العاملة في هذه البلدان. بتمويل مشترك من الاتحاد الأوروبي، يعد «ثقافة داير ما يدور» برنامجاً تعاونياً متعدد الجوانب، يتألّف من خمسة مكوّنات يتمّ تنفيذها على مدار 4 سنوات بهدف دعم استقرار 36 كياناً ثقافياً، الترويج لمبادرات ثقافية ومدنّية يقودها الشباب، خلق سبل تعاون وتبادل للمعارف ما بين 60 كياناً ثقافياً من المنطقة العربية ومن أوروبا، التبادل المستمرّ للمعرفة والخبرات خلال فترة البرنامج و إنشاء منصة تدعم إتاحة الثقافة للجميع، وتدعو لمبادرات تُحسّن من بيئة عمل الأنشطة الثقافية والفنية، وذلك في البلدان المعنيّة.
يهدف مكوّن «مبادرات ثقافية ومدنية يقودها الشباب» إلى تشجيع مشاريع معّنية بمجتمعاتها وتندمج معها في أنشطة ثقافية ومدنية، مستعينة في ذلك بمناهج تشاركية تسعى إلى تمكين وتوسيع معارف العاملين الشباب في القطاع الثقافي والفني في المناطق المحرومة من الخدمات.