خطاب الممثل السامي للاتحاد الأوروبي نائب رئيسة المفوضيّة الأوروبيّة، جوزيف بوريل في الجامعة الأردنية: “أريد أن أشيد بالأردن، بهذا البلد الاستثنائي الذي يقع في مفترق طرقات الحضارة وفي مفترق طرقات توترات عالمنا. وأود أن أشيد بقادة الأردن، بالقادة الحاليين والسابقين الذين من دونهم لن يكون الأردن ركيزة للاستقرار. من دونهم لن يكون الأردن مرساة للاستقرار في المنطقة. لذلك ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يفعل كلّ ما يجب فعله لمساعدة ودعم الأردن في هذه الأوقات. ولهذه الأسباب كان من المهم بالنسبة لي أن آتي إلى الأردن في زيارتي الأخيرة للمنطقة بصفتي الممثل السامي للاتحاد الأوروبي.
لا شيء يصوّر مدى صعوبة العيش في هذا المكان، ومدى صعوبة الوضع في غزة أكثر من التذكير بأن اليوم هو اليوم العالمي للطفل الذي اعتمدته الأمم المتحدة سنة 1954. في ذلك الوقت، لم يكن أحد يظن أننّا بعد 70 عاما سنشهد حربا 70٪ من ضحاياها هم من النساء والأطفال وأكبر فئة عمريّة ضمن قتلى الحرب هم الأطفال دون سن التاسعة. لقد قتل قرابة 50 طفلا كل يوم على مدى سنة كاملة. هذه حرب ضدّ الأطفال وهي حالة مروعة. هذا هو الواقع، إن اعجبنا ذلك أم لا.
علينا أيضا أن نكافح ضد أي نقاش لا يستند إلى أدلة. هذه جامعة و “الجامعة” تفترض الحقيقة والوقائع والنّقاشات القائمة على الذكاء ولا على الأكاذيب والدعاية والمعلومات المضللة، التي تغزو اليوم عقول الناس في جميع أنحاء العالم. نحن نعتمد صوت العقل وصوت العلم والذّكاء.
فيما يتعلق بالوضع في فلسطين، علينا أن نسعى لإطلاق صوت السلام. علينا أن [نرفع] صوتنا ضد رسائل الكراهية، علينا أن نرفع صوتنا ضد الأكاذيب، ضد الرسوم الكاريكاتورية، ضد الأشخاص الذين يصورون الآخر كحيوان لا يستحق أن يعيش. ضد أي رسالة كراهية. هذا ما أريد أن أقوله لكم اليوم وأنا متأكد من أنكم تفهمون ذلك. لأن هذا المكان هو معبد الذكاء. هذا هو المكان الذي يستطيع فيه البشر اللقاء مع بعضهم البعض لبناء السلام.
علينا أن ندرك أن التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين هو وحده الذي سيجلب السلام إلى هذه المنطقة. علينا أن نجعل الجميع يفهم أنّه يوجد أشخاص، من الجانب الإسرائيلي والجانب العربي، يريدون السلام. هناك أناس يعملون من أجل السلام. هناك أناس يريدون السلام والأمن لكلا الجانبين. علينا أن نهزم التطرف. علينا أن نهزم أولئك الذين يهدمون السلام لأنهم يريدون السيادة فوق أي شيء آخر. صدقوني، هناك أناس في إسرائيل يريدون السلام بقدر ما هناك أناس في فلسطين يريدون السلام.
علينا أن نتجنب تجريد أيّ كان من انسانيّته مهما كانت الظّروف. وعلينا أن نرفع صوتنا عندما تُرتكب الفظائع، أيا كان مرتكبوها. ارتكاب بشاعة من جانب ما لا يضفي الشرعية على ارتكابها من الجانب الآخر. لقد قلتها مرارا: إن ما حدث مع الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس – وهو أمر مدان تماما، وقد قمنا بإدانته– لا يمكن أن يبرر الرّعب عبر الاستخدام المفرط للقوة الذي يمكن أن يخلق حالات مخالفة للقانون الدولي.
يجب أن تصدح أصوات العقل، أصوات من يريدون إنهاء هذه المأساة وإحلال السلام والأمن للجميع – لإسرائيل أيضا – وأن تنطلق بكلّ جديّة.
هذه الجامعة، مثل كلّ الجامعات في جميع أنحاء العالم، هي مكان لا فقط للتظاهر والتعبير عن المخاوف، هي مكان لا تكون فيه الأشياء فقط سوداء أو بيضاء، من جانب أو من الجانب الآخر، بل هي مكان للبحث عن الحجج والأسباب والحقائق التي من شأنها أن تساعدنا على بناء حل. لا يمكن أن يكون الحل إلا سياسيا. لن يكون هناك حل عسكري لهذه الحرب.
يجب أن تأتي الحلول من خلال المفاوضات من أجل سلام عادل وتقاسم الأرض. وهذا ما يعنيه الحل القائم على وجود دولتين. لا يمكن أن يكون تعويذة نكررها كل يوم دون أن نفعل الكثير لتحقيقها.
مرة أخرى، يسعدني أن أكون هنا معكم ومع الجامعة الأردنية لأنني أعتقد أنها مناسبة وفرصة. تستطيعون أن تفعلوا الكثير ونستطيع أن نفعل الكثير.
يجب أن تكون الغلبة لصوت العقل في مواجهة صوت الكراهية. هذه هي الطريقة الوحيدة لصنع السلام”.
الرّابط نحو الفيديو: https://audiovisual.ec.europa.eu/en/video/I-264274