بينما يلتقي العالم للاحتفال بيوم الأغذية العالمي 2024 تحت شعار “الحق في الغذاء من أجل حياة أفضل ومستقبل أفضل”، بيّنت مبادرة تحويلية في تونس كيف أنّ تمكين صغار منتجي الألبان يمكنه أن يؤثّر بعمق على الأمن الغذائي.
منذ سنة 2022، عانت البلاد من نقص في الحليب – وهو منتج أساسي بالنّسبة للأسر التونسية وعنصر هامّ في اقتصاد البلاد. إزاء هذه الأزمة، يعمل البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، جنبا إلى جنب مع شريكه المحلي في القطاع الخاص “ناتيلي“، على تعزيز سلسلة قيمة الألبان من خلال برنامج تدريبي شامل، يستهدف أكثر من 100 من مربي الأبقار الحلوب، بهدف تحسين جودة الحليب وكميته ورعاية الماشية وإدارة المزارع.
تدخل هذه المبادرة في إطار برنامج أكبر للصّمود الغذائي والطّاقي، تشارك الولايات المتحدة الأمريكية في تمويله من خلال صندوق المشاريع الصّغرى التابع للبنك (إيطاليا، وأيرلندا، واليابان، وكوريا، ولوكسمبورغ، والنرويج، والسويد، وسويسرا، وتايوان – صندوق التعاون التّقني للبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية – والولايات المتحدة الأمريكية).
ينبع هذا البرنامج من خارطة طريق الأمن الغذائي التي وضعها البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية سنة 2023 ، والتي حددت قطاع الألبان كعنصر أساسي لكل من الأمن الغذائي والتنمية الريفية. وبعد إجراء زيارات ميدانية والاجتماع مع الجهات المعنيّة، حدد المشروع العراقيل الأساسية التي تؤثر على سلسلة قيمة الألبان، بما في ذلك عدم الاتساق في إمدادات الحليب من حيث الجودة والكمية. وقد أعاقت هذه العقبات إمكانات القطاع لتلبية الطلب المتزايد على الحليب في البلاد.
لرفع هذه التحديات، ركزت المبادرة على توفير التدريب التّقني لمنتجي الألبان من ثلاث مناطق ريفية في تونس واهتمّ التّدريب بالانطلاق من المعارف التقنية للمربّين حول الممارسات الزراعية الجيدة والتعامل الصحي مع الحليب وصحة وتقنيات التغذية. وكان الهدف يتمثّل في تزويدهم بالمهارات الإضافية اللازمة لتحسين إنتاج الحليب وضمان أن الانتاج يفي بمعايير الجودة العالية، وبالتالي تعزيز إمدادات الحليب الوطنية.
بالإضافة إلى التدريب الأولي، تضمن البرنامج جلسات إرشاد ميدانيّة لمساعدة مربّي الماشية على تطبيق أفضل الممارسات التي تعلموها. مكّنت زيارات المتابعة الخبراء من توجيه المربّين في الظّروف الواقعيّة مما يضمن قدرتهم على إجراء تعديلات عملية على ممارساتهم اليومية بناء على الملاحظات التي يتلقّونها مباشرة من الخبراء.
ومن الجوانب المميزة لهذه المبادرة، نذكر نهجها الذي ينزّل الانسان في محوره حيث ركز البرنامج على بناء الثقة والعلاقات التعاونية بين المدربين والمزارعين لأنّ هذا التّفاعل هاّ جدّا لضمان التزام المزارعين باعتماد ممارسات جديدة. حرص المدربون على أخذ الوقت الكافي لفهم التحديات المحددة التي تواجه كلّ مزارع لصياغة النّصائح الملائمة لتلبية احتياجات كلّ منهم.