الشبكات النسويّة الفلسطينية تعمل على تعزيز شموليّة قطاعي الأمن والعدالة

مايو 11, 2023
مشاركة في

تساعد الأنشطة التي تقوم بها بعثة الاتحاد الأوروبي لمساندة الشرطة المدنيّة وسيادة القانون على نشر ثقافة المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة عبر مختلف هيئات إنفاذ القانون في فلسطين وتسعى من خلال التدريب والدعم المتخصّصين إلى مدّ الوكالات المحلية بالمهارات المطلوبة للتصدّي لانتهاكات حقوق النساء والفتيات.

تتميّز خدمات الشرطة بصعوبتها حتّى في أفضل الأوقات والظروف أمّا في السياق الفلسطيني، حيث مازال خليط من القوانين واللوائح يمنع المرأة من أن تتمتّع بحقوق متساوية مع تلك التي يتمتّع بها الرّجل في قطاعي الأمن والعدالة، تكتسي تلك الخدمات صبغة أكثر تعقيدا، بل تكاد تكون مستحيلة.

حدث تاريخيّ: إطلاق أول شبكة للشرطيّات الفلسطينيّات

رغم ذلك الواقع المرير، تقف ضابطتا شرطة بكلّ فخر أمام عدسة المصوّر بعد بضعة أشهر من إطلاق شبكة الشرطيّات الفلسطينيّات بمناسبة تنظيم المؤتمر الاقليمي “مستقبل واعد للشرطيّات الفلسطينيّات” في شهر ماي/ مايو 2022 في رام الله بمشاركة 224 شرطيّة من الأردن وتركيا وبنغلاديش والجمعيّة الدولية للشرطيّات… أجمعن على أنّ المؤتمر مثّل حدثا تاريخيّا وعرف نجاحا باهرا.

بمناسبة افتتاح المؤتمر قالت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدعم الشرطة المدنيّة الفلسطينية وسيادة القانون نتاليا أبوستولوفا: ” ستساعد هذه الشبكة في جعل قوة الشرطة أكثر تماسكا للاستجابة إلى تطلّعات السكّان وتحقيق تأثير مستدام على المدى البعيد. فور تنظيم هذا الجهاز محليا هنا في فلسطين، يمكنكم التواصل والتفاعل مع شبكات الشرطيّات الأخرى في مناطق أخرى من العالم”.

دعم الشرطة المدنية الفلسطينية هو جزء لا يتجزأ من عمل البعثة الشرطة الأوروبية لمساندة الشرطة وسيادة القانون في الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث تعمل البعثة جنبا إلى جنب مع الشركاء المحليين والدوليين لتحسين سلامة وأمن المواطنين من خلال تعزيز قدرات الشرطة المدنية وأجهزة إنفاذ القانون والسّلطة القضائيّة.

قالت مستشارة تعمل مع البعثة: “بينما ترسخ الشرطيّات الفلسطينيّات مكانتهنّ وريادتهنّ في عالم الشرطة، سيتم تقديم الدعم المستمر والإرشاد والمشورة لمساعدتهن في مسارهنّ. نهدف من خلال عملنا إلى دعم ضابطات الشرطة المدنية الفلسطينية للالتحاق على المستوى الدوليّ بإخوتهنّ الشرطيات في جميع أنحاء العالم”.

وأضافت: “مع توسيع ضابطات الشرطة الفلسطينيات لشبكتهنّ، ستتوسع أنظمة الدعم أيضا من خلال الجمعية”.

اعتبر مستشارو البعثة أنّ الشبكات مهمّة و “حتمية”، وشددوا على أن الشبكات تيسّر وتحفّز تبادل الخبرات والقيم والمعارف وانّها تشكّل منصة للحوار وتعمل كجسر عبر الحدود يحمل معه الكثير من الممارسات الفضلى ويُلهم المهنيّات. من خلال الشبكة، تتبادل الشرطيّات أيضا الخبرات والدروس المستفادة لإنشاء مناهج مبتكرة بشأن المساواة بين الجنسين لفائدة الأجيال القادمة من النساء في قطاع الأمن والعدالة.”

التّرويج لنهج يركز على الضحية

يُعتبر تبادل الخبرات أداة حاسمة في رفع الوعي بحقوق المرأة وأمنها في مختلف أنحاء فلسطين لأنّها مازالت تعاني من العنف المنزلي وعدم المساواة بين الجنسين.

تقول إحدى مستشارات البعثة: ” في غياب قانون حول العنف المنزلي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ما زلنا نشهد العديد من ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي وهي قضيّة هامّة جدّا هنا حيث تزيد نسبة النّساء اللاتي تتعرّضن للعنف المنزلي والجندري في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عن 29% وارتفعت النّسبة إلى أكثر من هذا الرّقم خلال جائحة كوفيد 19. وفي الوقت ذاته، تصل نسبة زواج الأطفال إلى رقم مذهل يقارب 24 % لكن لسوء الحظ، لا تزال النساء والفتيات ضحايا هذه الجرائم مترددات للغاية في الإبلاغ عنها أو لطلب المساعدة”.

لكسر هذه الحواجز، تؤمن البعثة الأوروبيّة لمساندة الشرطة المدنيّة الفلسطينيّة وسيادة القانون بضرورة تعزيز تمثيل المرأة في قطاعي الأمن والعدالة. وتوضح المستشارة ذلك بقولها: هذا من شأنه أن يدعم تمثيلا يتناسب أكثر مع احتياجات المجتمع الفلسطيني وشواغله وشكاواه وأن يساعد على تلبية احتياجات السكّان على نحو أكثر فعاليّة” مشيرة إلى أن التمثيل المتوازن يعزّز أيضا ثقة المواطنات في المؤسّسات.

لا ينطبق هذا على الشرطيّات فحسب، بل وأيضا على المحاميات والقاضيات فمنذ أن انطلقت البعثة مع الشركاء الدوليين في تعزيز وإدخال مناهج مراعية للنوع الاجتماعي في مجال العدالة، شهدت فلسطين زيادة بنسبة 31 % في إدانة الجناة في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي.

شملت الأنشطة المنجزة دورات لبناء قدرات المجلس القضائي مع تدريب القضاة على نهج يراعي الخصائص الجندريّة وإرساء إجراءات خاصّة بالعنف المنزلي والعنف القائم على النّوع الاجتماعي مع التركيز على منح الشّرطة سلطات تحقيقيّة معزّزة وعلى التّعاون فيما يتعلّق بمعالجة ذلك النّوع من القضايا.   تمّ أيضا تنظيم عدد من ورشات العمل لتعزيز التعاون بين الشرطة والنيابة العامة فيما يتعلق بالنهج الذي يركز على الضحايا ومبادئ المحاكمة العادلة والأطفال ضحايا العنف المنزلي والشهود عليه.

وكما أشارت إليه احدى مستشارات فريق العدالة الجنائيّة يتمّ أساسا تكييف نفاذ المرأة إلى العدالة والحماية انطلاقا من منظور جندري ممّا يحدّ من مخاطر الممارسات التمييزية والمعايير الضارّة في سلسلة العدالة.

كسر المحرمات

تسعى بعثة الاتحاد الأوروبي لمساندة الشرطة المدنيّة وسيادة القانون أيضا إلى توفير قنوات للنّساء والرّجال للتعبير عن نضالاتهم اليومية، بما في ذلك المشاكل المتعلّقة بالصحة النفسية.

في جانفي/يناير 2023، شارك 44 من ضباط الشرطة المدنية الفلسطينية في ورشة عمل لمدة يومين حول “الإسعافات الأولية النفسية والوقاية ضدّ الانتحار” تدرّبوا خلالها على التعامل بشكل أفضل مع الحالات المتعلّقة بقضايا الصحة النفسية.

تقول في هذا الصّدد واحدة من مستشاري البعثة: ” من الأهمية بمكان أن يكون موظّفو إدارة حماية الأسرة والأحداث على دراية بعوامل الخطر الشائعة وعلامات التحذير لدى الشّخص الانتحاري وكيف يمكنهم المساعدة كأول المستجيبين كما تعلّم المشاركون كيفية التعامل مع الاشخاص من ذوي الميول الانتحاري والنساء والفتيات المصابات بصدمات نفسية وقد كانت ردود فعل المشاركين إيجابية للغاية حيث انخرطوا في نقاش معمّق حول هذه المسألة وخاضوا في حوار مفتوح حول تجاربهم والتحديات التي تواجههم والصراعات مع الضحايا وكذلك مع زملائهم”.

يجري العمل حاليّا على وضع برامج تدريبية إضافية في مجال الصحة العقلية بهدف بناء قدرة موظفي الإدارة على إجراء التدريب داخليا إذ تؤكّد بعثة الاتحاد الأوروبي لمساندة الشرطة المدنيّة وسيادة القانون من خلال تدريب المدرّبين على أهمية التقدم المستدام في حماية حقوق الإنسان التي تتجذّر بعمق عندما يتملّكها المجتمع المحليّ  لذلك تحرص البعثة على إنجاز كافّة أنشطتها باعتماد نهج يقوم على حقوق الانسان كما تحرص على ضمان تملّكها محليّا لتكون بذلك الخيط الرّفيع الذي يربط بين أنشطة البعثة  على امتداد فترة ولايتها.

في ختام حديثها أضافت المستشارة: “بالنسبة لهذا التدريب مثلا في مجال الصحة العقلية حرصنا على إنجاز عمليّة تقييم لضمان الاستدامة لأنّنا لا نريد تنظيم تدريب واحد معزول عن غيره من التّدريبات، بل نريده أن يكون خطوة أولى في مسار مطوّل و مكلّل بالنّجاح”.

البعثة

تأسست بعثة الاتحاد الأوروبي لمساندة الشرطة المدنيّة وسيادة القانون سنة 2006 بهدف تحسين سلامة وأمن الشعب الفلسطيني. تدخل البعثة في إطار الجهود الأوروبيّة الأوسع لدعم بناء الدولة الفلسطينية في سياق العمل من أجل سلام شامل على أساس حل الدولتين.

تسعى البعثة بالتّحديد إلى دعم إصلاح وتطوير الشرطة المدنية الفلسطينية وتطويرها وإلى تعزيز ودعم نظام العدالة الجنائية وإلى تحسين التعاون بين النيابة العامة والشرطة و كذلك إلى تنسيق و تيسير مساعدات الجهات الخارجيّة المانحة لفائدة الشرطة المدنية الفلسطينية.

 

اقرأ في: English Français