الوعي قوّة: البرنامج الأردني لسرطان الثدي يمكن المجتمعات المحليّة في جميع أنحاء المملكة

أكتوبر 25, 2024
مشاركة في

تشهد تلال المفرق والطفيلة وعجلون الهادئة في مختلف أنحاء الأردن تحوّلا واضحا لا من خلال مشروع بنية تحتية تقليدي أو مبادرة اقتصادية بل داخل المساكن وفي المراكز المجتمعية والعيادات الصحية المحلية. جاء هذا التحوّل نتيجة لمشروع “الوعي قوة” الذي ينفذه البرنامج الأردني لسرطان الثدي بدعم من الاتحاد الأوروبي في إطار مبادرة رعاية التي تنفذها AECID

تم إطلاق المشروع بهدف رفع الوعي بأكثر أنواع السرطان شيوعا ضمن النساء، وقد ترك المشروع بصمة لا تمحى على المجتمعات المحلية في جميع أنحاء الأردن. إضافة إلى أهدافه المباشرة المتمثلة في التعليم والتوعية، ساهم المشروع أيضا في التمكين الاقتصادي وتعزيز روح الرّيادة لدى النساء كما أثار حوارا أعمق حول صحة المرأة في الأردن.

 

“بطلات محلّيات” لرفع الوعي بشأن داء السّرطان في مختلف أنحاء الأردن 

يكمن جوهر مبادرة “الوعي قوة” بين أيدي النساء المحليات اللاتي تحوّلن إلى بطلات للتثقيف الصحي. بالتعاون مع 45 منظمة مجتمعية، اختار البرنامج متطوعات من المجتمع المحلّي ودربهنّ لتصبحن مرشدات صحيّات. الكثير منهنّ لم تكنّ من قبل تتبوأن أيّ منصب رياديّ لكنهنّ تحملن الآن داخل مجتمعاتهنّ شعلة التوعية بالسرطان.

حدّثتنا فاطمة العمري، إحدى المرشدات الصحيّات، عن تجربتها في تنشيط حصص التّوعية والمساهمة من خلال ذلك في تنمية الأنشطة المنقذة للحياة: ” تمكّنت عبر هذا البرنامج من تعزيز مهاراتي في توجيه الرسائل الصحية المتعلقة بالوقاية من السرطان والكشف المبكر. مع غيرنا من المرشدين، تمكنا من الوصول إلى النساء في المناطق النائية حيث لم يكن بإمكانهن الوصول إلى هذه المعلومات الحيوية من دوننا”. 

اعتمد المشروع نموذج تدريب شامل وتم تدريب 73 مرشدة مجتمعيّة في إطار سلسلة من ورشات العمل والأنشطة مكنتهنّ من تقديم 3400 محاضرة موجّهة وأكثر من 1500 زيارة منزلية.

شرحت لنا رشا فخر الدّين، رئيسة قسم الاتصال لدى البرنامج الأردني لسرطان الثّدي/مؤسّسة ومركز الحسين للسرطان، التمشّي الذي اعتمده البرنامج بقولها: ” ركز البرنامج على الجهود الشعبية، وتوظيف العاملين الصحيين المجتمعيين للتواصل مع النساء في منازلهن. كما أمّنت الحملات الوطنية التي غطّت أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء المملكة نشر دعوة واضحة وصريحة للكشف المبكر والوقاية من السرطان”.

الوصول إلى المناطق النائية: مبادرة منقذة لحياة النساء

قد تتمتّع المراكز الحضرية في الأردن بفرص أكبر للنّفاذ إلى خدمات الرّعاية الصحيّة، إلا أن مبادرة “الوعي قوة” كان لها الوقع الأكبر في المناطق الرّيفيّة والنّائية حيث كثيرا ما تواجه النساء العديد من العراقيل لتصلن إلى تلك الخدمات سواء كان ذلك بسبب العزلة الجغرافية أو الأعراف الثقافية أو نقص الوعي بالخدمات المتاحة.

إدراكا منه لهذا الواقع، ساعد الاتحاد الأوروبي على انجاز الدراسات البحثية لتقييم تأثير البرنامج وتحسين فهم السّلوك العام تجاه الوقاية من السرطان في الأردن. في هذا الصّدد، يقول فرنشيسك فيلا بالا، مدير البرنامج لدى الوكالة الاسبانيّة للتّعاون التي تتولّى تنفيذ مبادرة رعاية: ” كشفت هذه الدراسات عن عناصر شديدة الأهميّة مثل الحواجز الاجتماعية والثقافية التي تمنع النساء من السعي للحصول على خدمات الكشف المبكر، والتي ينبغي أن تمكّن المشاريع المستقبلية من استهداف هذه الحواجز بشكل أكثر فعالية”.

في عجلون، شمال الأردن، أشارت ممرضة تعمل مع البرنامج عن ارتفاع الطلب على فحوصات الثدي ومسحة عنق الرحم في عيادتها، وذلك بفضل جهود التوعية وقالت مبتهجة: ” في غضون بضعة أشهر فقط، أجرت عيادتنا 62 مسحة لعنق الرحم و18 فحصا للثدي وهي اختبارات منقذة للحياة لكن نادرا ما كانت النّساء تقدمن عليها قبل بدء البرنامج الأردني لسرطان الثدي”. 

من خلال تغطية أكثر المنازل عزلة بمعلومات مهمة حول الوقاية من السرطان، مكّن البرنامج أيضا الشابات في المناطق النائية.

هالة*هي شابة سورية غادرت نظام التعليم الرسمي، تمّ اختيارها في إطار البرنامج لتصبح مرشدة صحية مجتمعية. في البداية، واجهت العديد من الصّعوبات فيما يتعلّق بنسق التّدريب وبمحتواه التّقني. لكن في النّهاية، لم تقتصر على إنهاء الدّورة بل تفوقت وتميّزت فيما يتعلّق بمعارفها التقنية ودورها كمحاورة حتّى أنّ رشا قالت بشأنها: ” تنتمي هالة اليوم إلى فريق العاملين الصحيّين المجتمعيّين وهي رائعة في هذه الخطّة كما أنّها تلهم الكثير من الثقة”. 

من عدم اليقين إلى الثقة: مستقبل المجتمعات المحليّة المتمكّنة 

يعكس مسار هالة الهدف الأوسع للمشروع المتمثّل في تمكين النساء لا من خلال المعارف فقط بل وأيضا    عبر الثقة بالنفس لتحدثن الفرق داخل مجتمعاتهنّ.

مع اقتراب دعم الاتحاد الأوروبي للمشروع من نهايته، شاركتنا المتطوعة الشابة رانيا* شغفها بعملها: “انضممت إلى هذه المبادرة لأنني أردت نشر الوعي بأهمية الكشف المبكر والدوري عن السرطان للنساء داخل مجتمعي المحلّي”.

“إنه لمن دواعي التمكين أن أدرك أن عملي يساعد على إنقاذ الأرواح.”

تضمن عمل رانيا، إلى جانب العشرات من المتطوعين الشباب غيرها، تنظيم تظاهرات عامة وجلسات تثقيفية بين النّظراء، والمساعدة على تغطية أكثر من 3000 شخص من خلال الأنشطة المجتمعية. وساهمت الأيام الطبية المجانية والمعارض والمسابقات في زيادة الوعي بالأمراض غير المعدية، ووفرت أيضا فرصا اقتصادية للنساء المحليات.

 

يقول ممثلو البرنامج الأردني لسرطان الثّدي في هذا الشّأن: “ من خلال تزويد النساء المحليات بالأدوات الضروريّة للتثقيف والتّوعية الصحيّة، ومن خلال خلق الفرص للشباب للمشاركة في عمل هادف، عزز البرنامج الشعور بالمسؤوليّة الذي سيتواصل لفترة طويلة بعد انتهاء الحملة”. 

 

 تقول فاطمة العمري من جانبها: ” لم يمنحنا هذا البرنامج المعرفة فحسب، بل أظهر لنا قدرتنا على إحداث فرق داخل مجتمعاتنا. نحن نعمل معا على رفع الوعي وإنقاذ الأرواح”. 

 

* تمّ تغيير الأسماء حفاظا على الخصوصيّة. 

 

اقرأ في: English Français