انطلقت هدى وأحمد عبد الفتاح في رحلة مثيرة عندما أسسا Merit Aroma ، وهي ورشة تنتج مواد تجميل طبيعية في الإسكندرية بمصر. وبفضل الدّعم المستمرّ الذي يوفّره لهما مشروع INVESTMED، تمكّنا من تنمية مشروعهما و تطوير حرفتهما. قدّم لهما المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي الموارد وفتح لهما المجال أمام شبكات مهمة بالإضافة إلى المعارف الحيوية بشأن حقوق الملكية الفكرية.
مؤسّسة ناشئة تنطلق من المطبخ العائلي
تعرف الورشة الصّغيرة التي أطلقها في الاسكندريّة زوجان شابّان مصريّان لصناعة مستحضرات التّجميل الطبيعيّة نجاحا باهرا بعد أن بدأ أحمد وهدى عبد الفتاح العمل من المنزل قبل بضع سنوات. أحمد هو مهندس صناعيّ وتعمل هدى في قطاع صناعة الأدوية وقد بدأ الثنائي في اختبار منتجاتهما الخاصة في المطبخ قبل عرضها على الاصدقاء.
في البداية، لم يفكّرا في بيع تلك المستحضرات بل كان يسعيان أساسا إلى استخدام الصابون والكريمات محلية الصنع في حياتهما اليوميّة ورغم الزّخم التّدريجي الذي تشهده مؤسّستهما النّاشئة فقد احتفظ كلّ منهما بوظيفته. أطلق الزّوجان اسم Merit Aroma على مشروعهما الذي أصبح اليوم لديه موقع خاصّ على شبكة الانترنت حيث يمكن للناس شراء المستحضرات على الخطّ. .
حدّثنا أحمد عبد الفتّاح بحماسة عن المشروع قائلا: “تشكّل روائح وشاي ميريت منحى جديدا للعودة نحو الطّبيعة إذ تستطيع الرّوائح الطبيعيّة والأعشاب تحسين جودة النّوم والحدّ من التوتّر ولها العديد من المزايا الأخرى وقد استلهمنا اسم علامتنا من ميريت بتاه وهي أوّل طبيبة استخدمتها في العلاج عندما عملت لدى الفرعون وطورت وصفات وأدوية عشبيّة”. بفضل مشروع INVESTMED الممول من الاتحاد الأوروبي، تمكن أحمد من تصميم العلامة التجارية والموقع الإلكتروني لمؤسّسته الناشئة و اقتناء المزيد من المنتجات الطبيعية من خلال المنحة التي قدّمها له المشروع.
” عندما بلغنا أنّ الاختيار قد وقع علينا في إطار المشروع، استأجرنا ورشة لا تبعد كثيرا عن منزلنا ونحن اليوم نسعى إلى مزيد النموّ والمضيّ قدما في الإنتاج والتّطوير وقد وفّرنا فرصة عمل لشخصين حسب ما تتطلّبه منّا عمليّة الانتاج”.
عندما بدأ الثنائي في التّصنيع، لم يكن أحمد وهدى يعرفان طريقة بيع تلك المنتجات: “كنا نصنع صابونا له فترة صلاحيّة لا تعرف نهاية تقريبا، لذلك لم يعد الزّبائن ثانيّة لاشتراء المزيد إلّا بعد مدّة طويلة. فعلى سبيل المثال، أقاربنا هم الذين طلبوا منا صنع صابون أصغر حجما حتى يتم استهلاكه على نحو أسرع ونتمكّن من خلال ذلك من تحقيق مبيعات أفضل”.
رحلة من النمو والتعاون مع مشروع INVESTMED
مع نمو Merit Aroma ، حصل أحمد وهدى على فرصة لا تقدر بثمن عن طريق مشروع INVESTMED. يقول أحمد في هذا الصّدد: “لقد غيرت المشاركة في INVESTMED نظرتنا إلى الأشياء فقد تعلمنا العديد من المهارات الضروريّة في عالم الأعمال وأصبحنا على دراية بحقوق الملكية الفكرية. لكن الشيء الأكثر أهمية هو أننا التقينا بأشخاص من مختلف بلدان المنطقة المتوسطيّة استطعنا تبادل وجهات النّظر معهم و هو ما وسّع نطاق تفكيرنا و آفاقنا و بدعم من INVESTMED ، ازدهرت Merit Aroma لتجسّد روح ريادة الأعمال والتعاون الذين يشكّلان محور المشروع و مهمّته الأساسيّة”.
ينحدر الأشخاص الجدد الذين تعرّف عليهم أحمد وهدى من خلفيّات واختصاصات متنوّعة لكنّهم جميعا يعملون على مشروع يدعمه الاتحاد الأوروبي.
يهدف مشروع INVESTMED – مؤسّسات ناشئة مستدامة ومبتكرة لمنطقة المتوسط – إلى رفع التحديات الاقتصادية والبيئية ودعم فرص الأعمال الجديدة والمستدامة للشباب والنساء في ثلاث بلدان هي مصر ولبنان وتونس. كما يشمل المشروع تدريب ومرافقة موظّفي المؤسّسات الميكرويّة والصّغرى والمتوسطة ورفع الوعي بحماية حقوق الملكية الفكرية والنّفاذ إلى المنح لمساعدة تلك المؤسّسات على النمو والاستدامة.
يقول عصمت كرادشة، منسّق مكتب شرق المتوسّط لبرنامجNEXT MED Interreg: “قدم المشروع منحا إلى 38 مؤسّسة ميكرويّة وصغرى ومتوسطة في قطاع الصناعات الخضراء والزرقاء والإبداعية و إلى ثلاث حاضنات لتتمكّن من تعزيز استدامتها المالية ومساهمتها في خلق فرص العمل ضمن النسيج الاقتصادي المحلي”، كما ذكر أنّ المشروع “يدعم تطوير ريادة الأعمال المستدامة ومبادرات الأعمال من خلال خلق بيئة داعمة و تيسير النّفاذ إلى أسواق جديدة وبالتالي تكثيف الفرص الاقتصادية و فرص العمل.
INVESTMED: تمكين رواد الأعمال من خلال التثقيف في مجال حقوق الملكية الفكرية
في مصر، اضطلع اتحاد منظمات الأعمال المصرية – الأوروبية بدور الشريك التنفيذي لمشروع INVESTMED وقد شرحت لنا مي درويش، الخبيرة التقنيّة لدى اتحاد منظمات الأعمال المصرية – الأوروبية نشأة المشروع: “أردنا دعم المؤسّسات الناشئة في العديد من المراحل. في البداية، كان علينا اختيار المشاركين الذين طرحوا أفضل فكرة عمل مع ضمان جانب الاستدامة. نظّمنا دورات تدريبيّة في محاور مختلفة وبدأنا بمساعدة المشاركين على تحسين أفكارهم وإدارة شؤونهم المالية. نظّمنا أيضا تدريبا على مهارات الإدارة وعلى مهارات التّقديم السّريع حتى يتمكنوا من الفوز بالمناقصات فور بلوغهم مرحلة النموّ. كما نظّمنا مدرسة صيفية ورحلة لمدة أسبوعين إلى إيطاليا. إضافة إلى المهارات المكتسبة، اكتسى التّشبيك أهميّة قصوى وقد فتح ذلك المجال للمشاركين للّقاء بالشركاء المحتملين وأطلعهم على ما يحدث في جهات أخرى من المنطقة المتوسطيّة. أردنا أن نمدّهم بكافّة الأدوات الضروريّة للنجاح في أعمالهم وبمجرد الفراغ من التدريب، حصلوا على إعانات ومنح وسجّلنا إثر ذلك نجاحات باهرة”.
أجمع كلّ المشاركين على أن ما ميّز هذا المشروع هو الفقرة المخصّصة لحقوق الملكية الفكرية حيث اعتمد INVESTMED مبادرة استراتيجية خصّصها لرواد الأعمال وساعد من خلالها المشاركين على فهم تعقيدات حقوق الملكية الفكرية. بدأ ذلك بجلسات تفاعلية حضوريّة وتعمق في أساسيات حقوق الملكية الفكرية مع استكشاف الأطر الوطنية والدولية وتقديم دراسات إفراديّة واقعية أبرزت تعقيدات هذا المجال.
يقول أحمد عبد الفتّاح في هذا الصّدد: ” أدركُ الآن أهمية الملكية الفكرية. لقد تعلمت كيفية حماية المستحضرات التي أنتجها ولم أعد أخشى أن يسرق أيّ كان فكرتي”.
مكّنت الفقرات المحوريّة التي صُمّمت خصيصا للاستجابة إلى احتياجات روّاد الأعمال من التعمّق في الجانب القانوني وقدمت وجهات نظر عملية بشأن التحدّيات التي تواجه رحلة ريادة الأعمال وقد ابتعدت الحصص عن تقنيات ومناهج التعلم التقليدي مركّزة أساسا على التجارب والحلول المبتكرة التي تم تطويرها للتّسجيل خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما تم إعداد دليل لحقوق الملكية الفكرية لفائدة روّاد الأعمال والمؤسّسات العموميّة لاطلاعهم على أهمّ السّبل المألوفة لرفع الوعي ودحض المفاهيم الخاطئة بشأن حقوق الملكية الفكرية.