أطلق مشروع الجوار الأوروبي جنوب يوم 19 ديسمبر 2019 مسابقة اقليميّة تحت عنوان #InTheirEyes #EU4YOUth خصّصها للمؤثّرين الرّقميّين في ثماني بلدان في الجوار الجنوبي هي الجزائر ومصر والأردن ولبنان وليبيا والمغرب وفلسطين وتونس، انطلقت معها مغامرة انسانيّة رائعة!
على امتداد أسبوعين، أرسل ما يزيد عن 100 شابّ وشابّة ترشّحاتهم وأعربوا عن رغبتهم في المشاركة في المسابقة. عبّر الشباب من خلال اشرطة الفيديو التي سجّلوها عن طموحهم وعن تطلّعاتهم وآمالهم وبيّن جميعهم مواهبهم وقدرتهم الابداعيّة ممّا زاد في تعقيد مهمّة لجنة التّحكيم التي كانت أمام شباب متميّز جدير بالفوز. في نهاية مرحلة الانتقاء التي لم تكن سهلة بتاتا تمّ الاحتفاظ بمؤثّرين رقميّين عن كل بلد ليصل المجموع إلى ستّة عشر مؤثّرا رقميّا. تتميّز المجموعة التي وقع عليها الاختيار بسمعة مرموقة عبر شبكات التّواصل الاجتماعي وبإنتاجها لمقاطع فيديو مبتكرة إلى جانب وعي كبير بثقل المسؤوليّة وبالالتزام رغم صغر سنّهم. وأخيرا انطلقت المغامرة!
في صباح 6 فيفري/فبراير 2020 التقت كلّ من إيناس ونور وناميس وأحمد وتسنيم وعديّ وكرستينا وريبيكا ومحمد ومحمد ونسرين واحسان ومأمون وياسين وسفيان (وأحمد انطلاقا من القاهرة) لأوّل مرّة في حياتهم في تونس العاصمة. في بداية اللقاء تبادلوا نظرات ملؤها الفضول وابتسامات محتشمة لكن سريعا مع تغيّر الأمر فبعد سويعات ذاب الجليد واندمج الجميع مع بعضهم البعض لترتفع جلجلة ضحكهم من هنا وهناك وتحدم نقاشاتهم.
رغم انحدارهم من بلدان مختلفة ومن ثقافات متنوّعة وآفاق متعدّدة التقى المؤثّرون حول محور مشترك يتمثّل في زرع الأمل في بلدانهم عبر تقاسمهم مع متابعيهم لقصص نجاح حقّقها شباب مثلهم تمكّن من اغتنام الفرص التي أتيحت له خاصّة من خلال البرامج التي يموّلها الاتحاد الأوروبي.
بفضل شهرتهم الكبيرة ومصداقيّتهم إزاء جمهور المتابعين لهم من الشباب، يقوم النّشطاء على انستغرام و يوتوب و فيسبوك بتشكيل الرّاي العام في كنف الثقة التّامة التي يحظون بها لدى متابعيهم لأنّهم ينقلون صدى جيلهم و تدويناتهم تزن أكثر من عشرات الخطابات. لذلك ووعيا منها بواقع العالم العربي حيث يشتكي أغلب الشباب من غياب الفرص خاصّة المهنيّة منها ومن انسداد الآفاق وضعف المبادرات العمليّة، جاءت الحملة الاقليميّة #InTheirEyes لطمأنة الشباب ولإعلامه بجميع الفرص التي يموّلها الاتحاد الأوروبي في بلدان الجوار الجنوبي.
دار في تونس من 6 إلى 8 فيفري/فبراير تدريب على سرد القصص وإعداد المحتويات المبتكرة بالشراكة مع المشروع الشّقيق “مركز الاعلام المفتوح” ليطّلع المشاركون على القيم التي يدعو لها الاتحاد الأوروبي والمبادرات التي أطلقها في مختلف البلدان وكذلك لتعزيز كفاءاتهم في سرد القصص والإنتاج السّمعي البصري.
سجّلت الجلسة الافتتاحيّة حضور سعادة سفير الاتحاد الأوروبي في تونس، باتريس برغاميني وسعادة سفير الاتحاد الأوروبي في ليبيا، الان بوقيجا وممثّلي البعثتين إلى جانب المشرفة على البرنامج والمكلّفة بالعلاقات الخارجيّة في المفوضيّة الأوروبيّة، الينا بابوتسي. وجّه جميعهم رسائل تشجيع للمشاركين ودعوهم إلى الثقة في طاقاتهم أمّا المدرّبون والخبراء الدوليّون مبروكة خذير وزويا شارل وراشد الشريف وسيمون هستلينغ فقد أشرفوا على مختلف الجلسات التي جمع بعضها المؤثّرين بالصحفيّين التّونسيّين لتبادل الخبرات والأفكار. تمكّن الجميع عبر مراحل التّدريب من تعميق معارفهم في مجال تسجيل أشرطة الفيديو المبتكرة وفي التّحويل الصّحفي وتقنيات سرد القصص والتّأثير الرّقمي والتّركيب السّمعي البصري.
إضافة إلى الدّروس النظريّة تنقّل المشاركون يوم الجمعة 7 فيفري/فبراير إلى المدينة العتيقة بتونس العاصمة لزيارة المشاريع المموّلة من قبل الاتحاد الأوروبي. اكتشفوا خلال تلك الزّيارة دار بن قاسم الكاهنة وهي دار ضيافة تتميّز بجمال طابعها المعماريّ الأصيل. ليلى بن قاسم هي صاحبة المكان وتشرف على إدارته وقد استقبلت الجميع بكلّ حفاوة وبابتسامة عريضة على محيّاها. بعد جولة في مختلف أنحاء دار الضّيافة اطّلع خلالها المشاركون على جمال المكان تمّت دعوتهم على مأدبة غداء غنيّة بالاختصاصات التّونسيّ الشهيّة منها الكسكسيّ بلحم الخروف وعصيدة الجوز الشّهيرة. اكتشف العديد من المؤثّرين هذه الأطباق اللذيذة لأوّل مرّة فلم يتأخّروا عن تقاسم تلك الاكتشافات مع متابعيهم كما تقاسموا معهم تاريخ المكان الذي انتفع مشروع تجديده بتمويل من برنامج ” الاستشارة لفائدة المشاريع الصّغرى” للبنك الأوروبي لإعادة البناء والتّنمية المموّل من طرف الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج دعم القدرة التنافسيّة للخدمات.
إثر الغداء وعدد لا يحصى ولا يعدّ من الصّور وتسجيلات الفيديو توّزعت المجموعة إلى فريقين للقيام بجولة عبر أزقّة المدينة واكتشاف بعض خفاياها تحت إشراف شباب محليّ تمّ تدريبه لهذا الغرض في إطار مشروعي “دورة في الحومة” و “دولاشة” الذين تشرف عليهما جمعيّة الائتلاف المبدع بتمويل من الاتحاد الأوروبي. كانت الجولة فرصة اكتشف خلالها المؤثّرون دكاكين الحرفيّين وفضاء العمل المشترك “دار الحركة” المخصّصة للصّناعات الابداعيّة وللقاء شباب مثلهم يكرّس طاقاته من أجل تحسين الحياة اليوميّة للسكّان المحلّيّين.
في اختتام التّدريب عرض المؤثّرون الأشرطة التي أنتجوها وسيواصلون الإنتاج على امتداد الأشهر الأربعة الموالية للتّدريب لتحصل بعضها على جوائز في إطار مسابقة InTheirEyes #EU4YOUth ليدور حفل تسليم الجوائز في شهر جوان/يونيو المقبل في بروكسل على هامش الأيّام الأوروبيّة للتّنمية 2020.
سيتحصّل الفائزون على جائزة قيّمة إلى جانب اللقب الفخريّ لسفير الاتّحاد الأوروبي للنّوايا الحسنة الذي يتمّ منحه لواحد من المشاركين عن كلّ بلد و سيشهد الحفل مشاركة بعض كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي وممثّلي مختلف بعثات الاتحاد الأوروبي في بلدان الجوار الجنوبي وعدد من المشاهير من بينهم الفنّانين يارا ودوزي.
رغم أنّ المسابقة كانت تستدعي درجة من المنافسة لكنّ المؤثّرين تقاسموا صداقة خالصة وتضامنوا فيما بينهم ممّا نال اعجاب الجميع حولهم وقد تميّزت الفترة التي قضّوها في تونس بتبادل الأسرار والطّرائف والضّحك والجولات الليليّة ولحظات الأكل الشهيّ وتبادل النّصائح وحتّى الدّروس المرتجلة في الرّبط الأمثل بمحرّكات البحث.
لا شكّ في أنّ الصّور معبّرة جدّا وهي تعكس المهمّة الصّعبة التي واجهتها لجنة التّحكيم إذا كان عليها أن تأخذ قرارها في المرحلة الأخيرة من المسابقة لكن تظاهرة #InTheirEyes #EU4YOUth في نهاية المطاف كانت أكثر من مجرّد مسابقة بل مغامرة انسانيّة رائعة مازالت في بدايتها لتقطع أشواطا بأحلام الشباب العربي الطّموح!