ينكبّ هذا البحث على تقييم مدى تقارب مستويات الدّخل بين البلدان الأوروبيّة والمتوسطيّة النّاتج عن الاتفاقيّات التجاريّة ومفعول تقلّبات الاقتصاد الكلّي لتلك السياسات على عيّنة من البلدان المتوسطيّة الشريكة سعيًا إلى تحديد الأطراف الرّابحة/الخاسرة من تلك الاتفاقيّات التّجاريّة.
تبيّن أهمّ التّداعيات السياسيّة التي تبرزها النّتائج التجريبيّة لهذه الدّراسة أنّه إذا ما أرادت البلدان المتوسطيّة تحقيق نموّ اقتصاديّ قويّ فعليها أن تعتمد سياسات تحثّ على النّهوض بالتّبادل التّجاري الحرّ والانفتاح الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي وأن تضمن استقرار الاقتصاد الكلّي من خلال التحكّم في السياسات الماليّة والضريبيّة كما تؤثّر الاضطرابات السياسيّة والاجتماعيّة وأزمة الدّيون والأزمات الماليّة سلبًا على النموّ الاقتصادي وعلى التّقارب في المنطقة ولابدّ من معالجتها، إن أمكن ذلك، في أقرب الأوقات من خلال اعتماد الإجراءات السياسيّة والسياسات الاقتصاديّة الكليّة الملائمة وتشير بعض النّتائج التجريبيّة الأخرى إلى أنّ البلدان المتوسطيّة يمكنها ألّا تتأثّر مباشرة بالهزّات الماليّة الأوروبيّة في حالة وجود سوق داخليّة متوسطيّة أكبر حجما و/أو أكثر تنظيما.
باختصار، للمزيد من الاندماج التجاريّ والماليّ مع الاتحاد الأوروبي تحتاج البلدان المتوسطيّة إلى بذل المزيد من الجهود على المستوى القطري لاعتماد سياسات سليمة في مجال الاقتصاد الكلّي مع الشروع في إصلاحات مؤسّساتيّة تهدف إلى تنمية القطاع المالي صلب الاقتصادات المتوسطيّة وبالتّالي على البلدان المتوسطيّة أن تعمل على الاندماج الأفقي مع مزيد الانفتاح عموديًّا (تجاه الاتحاد الأوروبي).
شملت ورقة البحث توصية بشأن السياسة العامّة تتمثل في كون البلدان المتوسطيّة في حاجة إلى مزيد الاندماج مع الأسواق الماليّة الأوروبيّة لتتمكّن من جني ثمار الاندماج المالي المتمثّلة في تحسين تقاسم المخاطر وفرص ترشيد الاستهلاك.
وأخيرا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ السياسة الأوروبيّة الجديدة للجوار توفّر إطارًا متينًا للمساعدة التجاريّة والماليّة من خلال تعميق الاندماج المالي ومزيد النّفاذ للسّوق المشتركة ومأسسة العلاقات التجاريّة والماليّة بين البلدان المتوسطيّة والبلدان الأوروبيّة.