EyesOnEarth”” من مصر: مشاريع مبتكرة تسلط الضوء على حماية الغابات والبيئة

يونيو 25, 2024
مشاركة في

على مسرح المتحف القومي للحضارة المصرية، كان اللقاء بين شباب من دول عربية مختلفة بصحبة الكثير من الأفكار والمبادرات.. ذلك خلال حفل حملة ومسابقة “عيون على الأرض – EyesOnEarth”، التي أطلقها برنامج الاتحاد الأوروبي لدول الجوار الجنوبي قبل عام، بهدف تقديم نماذج أعمال مستدامة حول الحفاظ على الغابات والبيئة. 

وفي حضرة التاريخ، دارت النقاشات حول المستقبل: “كيف نحمي غاباتنا؟”، و”كيف نحافظ على البيئة”.

“كان علينا أن نبدأ من جديد.. كان علينا أن نواصل هذه الحملة”.. هكذا بدأت جومانة بريحي (مسؤولة فريق برنامج الجوار الجنوبي التابع للاتحاد الأوروبي) حديثها، لتشير بتلك الكلمات إلى صعوبات واجهت تنظيم هذا الحدث بعد حرب غزة في السابع من أكتوبر الماضي. لكن الأمر في رأيها “كان يستحق أن يحدث، لتظهر تلك المشاريع المؤثرة التي جلبتها الحملة ومسابقتها”.

وفي أجواء احتفالية، خَرجت المشاريع الفائزة بمسابقة “عيون على الأرض – EyesOnEarth” إلى النور، حيث تأهلت ثمانية مشروعات إلى التصفيات النهائية، وفاز منها خمسة، بعد أن تنافس 225 مشروعًا، منها 137 لفئة الابتكار البيئي، و88 لفئة مبادرات المجتمع المدني من الدول العربية الثمانية في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط: الجزائر، مصر، الأردن، لبنان، ليبيا، المغرب، فلسطين، وتونس. 

واقتنص الجائزة الأولى في فئة الابتكار البيئي، مشروع “”The other dada، لأديب داده، المهندس اللبناني، الذي يعمل على إعادة تهيئة الغابات والمساحات الخضراء بمدينته بعد أن جذبته قضية الصرف الصحي على نهر بيروت لسنوات. 

يقول “أديب” في كلمته: “ما يحفزني حقًا هو القدرة على جذب الناس إلى المناطق المقفرة والمتدهورة وجعلهم يشاركون، ينظفون ويزرعون شجرة بالفعل.. فيدركون أن لديهم القدرة على التغيير”. في الوقت نفسه، ينتظر الرجل مزيد من الدعم من حكومته للعمل بالأراضي العامة المهملة من جانبهم.

وعلى كل حال، فهذا التكريم يمثل له “خطوة للأمام، ومثال سيتشاركه مع الناس”، حسب قوله. 

أما الجائزة الثانية في الفئة نفسها، فذهبت إلى مشروع كامل فيراح ” Pistachio Grafts”، الذي بدأ عام 2019 ويركز على زراعة أشجار الفستق الجديدة  في مناطق السد الأخضر بالجزائر، السد الذي يحد من تقدم الرمال (التصحر) نحو الشمال. إذ يرى أن “أشجار السد الموجودة غير مثمرة ولا تتحمل الأمراض بعكس أشجار الفستق المقاومة وذات الإنتاجية الأعلى”. 

“كامل”، الطبيب البيطري، الذي أخرج 10 آلاف شجرة حتى الآن، يعتبر تكريمه “تعريفًا للعالم بعمله ومجهوده”. 

وفي فئة منظمات المجتمع المدني، حصد عثمان طالب وفريقه جائزتها الأولى بمشروعهم غير الربحي “Akkar trial”، المشروع الذي يحمي غابات لبنان وما بها  من خلال سرعة إطفاء حرائقها التي زادت خلال آخر 8 سنوات. 

يعتمد “عثمان” وفريقه الصغير على إمكانيات بسيطة لا تتعدى “الدرون” وبعض الأدوات، فمسألة التمويل لاتزال هي أكبر تحدياته. لذا يتمنى أن يكون تكريمه “بداية خير لمشروعه”، كما يقول، ليباشر فيما بعد تشكيل فريق أكبر.

فيما كانت الجائزة الثانية بهذه الفئة من نصيب مهدي بن سيرة، بمشروعه “آفاق المحيط”، حيث جذب الانتباه بفكرته في حماية طريق غاز الأطلسي، الذي يمر عبر ولاية سعيدة الجزائرية – حيث يسكن “مهدي” – ليصل بعدها إلى أفريقيا. وذلك من خلال تجهيز هذا الطريق وإعداد نقاط مياه، والحفاظ على نباتاته النادرة. 

يعترف “مهدي” أن 5% فقط من الجزائرين تقريبا يصلهم فكرته كحال المشاريع البيئية المشابهة في الدول العربية.  لذا ينظر إلى تكريمه على أنه أكثر من مجرد تكريم، فيقول: “نحن نحمل صورة ولايتنا هنا.. أريد العالم أن يعرف ولاية سعيدة وما بها من أماكن سياحية، ومعها ينتشر مشروعي”. 

بينما نال الفلسطيني سعد حناني (24 سنة)، الجائزة الأخيرة الخاصة بلجنة التحكيم والتصويت، بمشروعه “Furange”، الذي تتلخص فكرته في تحويل قشور البرتقال باستخلاص مادة السيليلوز منها إلى خيوط وملابس.

بدا على “سعد” علامات السعادة مختلطة بالدهشة، فلم يصدق أن يحصد جائزة بعد أن فاتته جائزتي فئة الابتكار البيئي، فيقول إنها “دليل على أن الشباب الفلسطيني رغم كل الظروف الصعبة قادر على أنه يشارك وينافس ويفوز”.

وقد وصلت مشاريع أخرى للتصفيات النهائية، لكن لم يحالفها الحظ مع الجوائز، كمشروع حماية التراث المحلي بواحة تيميمون بالجزائر لفضيلة دلدلي، ومشروع حول البذور (CEDAR Association) لهشام شيناكر من الجزائر أيضًا، ومشروع “ريمر” في فئة الابتكار البيئي للبنانية مارجوت مراد حول استخدام بكتريا مفيدة لإعادة الحياة إلى التربة وزيادة خصوبتها. 

وتحكي “مارجوت” أنها “لم تكن تتوقع أن تصل للنهائيات من الأساس، لأن مشروعها ليس عن الغابات عكس الأخرين، لذلك هي فخورة بمشاركتها رغم عدم الفوز”.

وتأتي مسابقة “عيون على الأرض” بعد نسختين من حملات سابقة قادها برنامج الاتحاد الأوروبي لدول الجوار الجنوبي، وهما  “عيون على الأخضر – Eyes on Green”، التي ركزت على ريادة الأعمال الخضراء، و”عيون على الأزرق – Eyes on Blue”، التي اعترفت بمشاكل المياه. 

“هذا العام، قررنا أن نبقي أعيننا على الغابات، والتي تعتبر مهمة جدًا لكوكبنا”. هكذا تقول جومانة بريحي (مسؤولة فريق برنامج الجوار الجنوبي للاتحاد الأوروبي). فالحملة الجديدة تتماشى مع الاستراتيجيّة الأوروبيّة للغابات 2030، التي تعكس التزام الاتحاد الأوروبي بحمايتها وتعزيز الإدارة المستدامة، والحفاظ على التنوع البيولوجي بها، مع الأخذ في الاعتبار التخفيف من آثار تغير المناخ.

وتتحدث “جومانة” عن كم أنها فخورة بتلك المشاريع التي فازت بالمسابقة، فتقول: “رواد الأعمال الشباب هم حقًا صانعو التغيير، هؤلاء يحدثون فرقًا في هذه المنطقة،  رغم كل التحديات الرهيبة التي نمر بها”.

وبالنسبة للمعايير التي استندت عليها لجنة الخبراء لتقييم المشاريع، فكانت “التأثير على الغابات، الحد من الانبعاثات، وإعادة التشجير”، كما تذكر “جومانة”، ثم تضيف:  “لكننا أخذنا في الاعتبار أيضًا، الجانب الاجتماعي، كحجم المبادرة  أو المشروع، وإمكانية التوسع، وإلى أي مدى كان الفريق قادرًا على الإنجاز، وزيادة الوعي”.

سيحصل هؤلاء الفائزون على دعم مالي، لكن الدعم الأكبر في رأي “جومانة” هو التواصل  والرؤية والعمل معًا. 

جَرى ذلك بحضور السفير كريستيان برجر (رئيس وفد الاتحاد الأوروبي لدى مصر)، الذي قدم شكره لأصحاب المشروعات خلال الحفل، قائلا: “هؤلاء توصلوا إلى أفكار عظيمة. أنتم تنقذون مستقبلكم، والقليل من مستقبلي أيضًا.. أعتقد أننا جميعا بحاجة إلى العمل ومضاعفة جهودنا للتأكد من أننا نستطيع تحقيق الأهداف التي وضعها العالم لنفسه، للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وتحقيق الأهداف المناخية”.

ثم اتجه “كريستيان” بحديثه ناحية عمل الاتحاد الأوروبي في مصر.. فقال: “نحن نقوم بالكثير من العمل فيما يتعلق بالبيئة، خاصة تجاه مسألة الطاقة المتجددة، حيث تمتلك مصر الكثير من الرياح، والكثير من الشمس، والكثير من الأراضي، ويمكننا إنشاء مزارع الرياح والألواح الشمسية. ونحن سعداء لحدوث هذا بدعمنا. والمسألة الأخرى هي معالجة المياه.. أعتقد أن هذين الجانبين مهمان فيما فعلتموه في هذه المنافسة، وفيما ستفعلونه لاحقًا”.

ولإيمانهم أن الغابات “حليف قوي ومهم” ضد تغير المناخ في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي ارتفعت درجة حرارتها وبها نحو 180مليون شخص يعانون من موجات الحر وحرائق الغابات والجفاف وتلوث الهواء، يتعاون كل من برنامج الجوار الأوروبي جنوب و وشركاءه كسويتش ميد/ مركز MedWaves والآلية الأوروبيّة للمعهد الأوروبي للغابات لإطلاق هذه المسابقة.

 

وإلى جانب نتائج المسابقة والمشاريع الفائزة، شهد الحفل مناقشات لـ”Tedx محطة الرمل”.. إذ صعد  12 شخصًا من مصر والجزائر ولبنان والأردن والمغرب على المسرح، ليتحدثوا عن تجاربهم، رحتلهم، ورؤيتهم لحماية البيئة والتكيف مع تغير المناخ وريادة الأعمال. 

فتحدث الكاتب ورائد الأعمال محمود منسي، من مصر “عن فكرة الوصول للأهداف دون الضرر بأهداف التنمية المستدامة، وتدريب الموظفين والمتطوعين، لا حشدهم، ومعرفة احتياجات المكان الذي نعيش فيه”. أما غيث الموماني، القادم من الأردن، فتطرق إلى تجربة السياحة الخضراء التي بدأ فعلها في العقبة. أما لاحسين المجدوبي، فعرض مشروعه عن ركوب الدرجات في بلده “المغرب” ليكون هناك نمط حياة يحافظ على البيئة.

ومن الإسكندرية، المهددة بالغرق نتيجة تأثرها بتغير المناخ.. شاركت نور حازم، التي ركزت في عرضها على دور السيدات في حماية البيئة وضرورة دعمهن. ثم تقول في نهاية الحفل: “لقد كنت متوترة حقًا في بداية الأمر لكن متحمسة، فالاتحاد الأوروبي وفر لنا فرصة لنستمع لمشاريع أشخاص آخرين من دول مختلفة ونشبك معهم”. 

وفي أرجاء المكان، كان هناك صخب وحماس من المشاركين تجاه نشاط وأسئلة عن الاتحاد الأوروبي والبيئة عبر فاعلية EU Jeel Connect، وهي الشبكة التي تأسست بهدف ترويج الفرص الّتي يوفرها الاتحاد الأوروبي للشباب، والتشـبيك والتواصـل، ويقودها أحمد ياسين.

“أحمد” شارك في برامج التوعية المدرسية بمصر والتي جرت مؤخرًا في إطار حملة Eyes on Earth. فلم يخرج عن الحملة مشاريع ومبادرات جديدة فحسب، إنما قام متطوعون وأفراد من وفود الاتحاد الأوروبي بحملات لتنظيف الغابات وزراعة أشجار في كل من لبنان وتونس والجزائر. وبما أن مصر لا تمتلك غابات، فشهدت برامج التوعية المدرسية. 

يقول “أحمد” عن مشاركته: “في التوعية المدرسية.. قد كان الأمر ديناميكيًا للغاية، فبدأنا بالحوار مع الصغار، ثم التنفيذ على الأرض،  الغرس،  ونحاول أيضًا التعرف على مشكلة النفايات والمياه”.

كما امتدت الحملة لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث تدفقت مقاطع فيديو من دول الجوار الجنوبي الثمانية لعرض بعض المشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي في كل دولة، بجانب رسائل توعوية حول الغابات. فتقول جومانة بريحي (مسؤولة فريق برنامج الجوار الجنوبي للاتحاد الأوروبي): “وسائل التواصل الاجتماعي في الأساس أقوى شيء لدينا، لذا نحن مستمرون في التوعية دائمًا”.