كثيرا ما يشعر بعضنا باليأس عندما يواجه مواقف صعبة كما ينغمس العديد في مثل هذه الفترات في الشّفقة على الذّات لكنّ أسامة أحمد لم يفعل ذلك بتاتا. أسامة هو لاجئ سوريّ تحصّل مؤخّرا في عمّان على شهادة البكالوريوس بعد أن فرّ من سوريا منذ ثماني سنوات.
عندما شهد أسامة التّداعيات العميقة التي تسبّبت فيها أزمة كوفيد-19 داخل المجتمع المحليّ الذي استضافه بادر بتقديم المساعدة والدّعم لمن هم في حاجة لذلك ليمدّهم ببصيص من الأمل. يتميّز أسامة أحمد بنشاطه وقدرته الخطابيّة البارعة لكنّه لم يختر طريق الشّهرة التي كان يمكنه أن يسلكها بل قرّر أن يوظّف مواهبه الاجتماعيّة لخدمة غيره بانخراطه في العديد من المبادرات التطوّعيّة.
قال لنا أسامة الذي تخرّج من الجامعة سنة 2016 بفضل منحة دراسيّة من برنامج EDU-SYRIA I المموّل من الاتحاد الأوروبي في إطار الصندوق الاستئماني الإقليمي للاتحاد الأوروبي استجابة للأزمة السورية، وصندوق EU Madad:” كنت حتّى قبل أن أدخل الجامعة أقدّم دائما يد المساعدة لغيري و كلّما وجدت فرصة للمساعدة لم أكن أتأخّر عن اغتنامها و التوجّه نحو من هم في أشدّ الحاجة لذلك”.
رغم وضعه الصّعب بسبب فراره من سوريا سنة 2012 لم ينقطع أسامة عن نشر الأمل والتّفاؤل داخل مجتمعه المحليّ لكنّ تفاؤله وضع على المحكّ عندما وصلت جائحة كوفيد-19 إلى ضواحي عمّان حيث يقيم مع أسرته منذ ثماني سنوات. قال لنا في هذا الصّدد: ” لقد زاد الوضع في تعزيز ميلي لمساعدة الغير فاتّصلت بمنظّمة غير حكوميّة محليّة وعرضت عليها خدماتي وكنت أعرف جيّدا أن مهاراتي التّواصليّة التي كثيرا ما عادت عليّ بالنّفع في الماضي يمكن أن تُوظّف لفائدة مجتمعي المحليّ فأنا أتقاسم مع السّوريّين حولي لغتي الأمّ كما أتقاسم معهم نفس الخلفيّة الثقافيّة بما انّني قضّيت أغلب سنوات حياتي في سوريا وهو ما من شأنه أن ييسّر تدخّلي لدى اللاجئين المحيطين بي”.
لذلك كلّفته تلك المنّظمة غير الحكوميّة بالمهام الشائكة التي تشمل التّواصل مع اللاجئين المعزولين والأسر السّوريّة غير المسجّلة من ضمن اللاجئين المنتشرين في مناطق مختلفة من الأردن. بعد ربط الصّلة مع اللاجئين كان أسامة يعمل على بناء الثقة بينه وبينهم لينجح في تثقيفهم بشكل تعاونيّ وعلى نحو يراعي حساسيّاتهم.
أسامة: ” كنت أعتني أساسا بسبل منع فيروس كورونا من الانتشار وإبقاء الجائحة تحت السّيطرة” وشرح لنا أنّه نقل إلى الأسر السّوريّة مبادئ التّباعد الاجتماعي واحترام مسافة المتر الواحد وكذلك أهميّة غسل الأيادي بشكل منتظم بالماء والصّابون. ورغم أنّ العديد من القواعد الصحيّة كانت أساسيّة إلا أنّ المجتمعات المحليّة كانت تهملها فحرص أسامة على نشر المعارف بشأن ” العدوّ الخفيّ” وكيفيّة انتشاره والمناطق الجغرافيّة التي يغطّيها والعلامات والأعراض الطبيّة وغير ذلك من المعلومات: ” شرحت لهم أهميّة تجنّب الأماكن المكتظة ودور الكمّامات والقفّازات على مستوى الوقاية كما كنت أمدّهم بمعلومات محيّنة حول الوضع الصحيّ وانتشار الفيروس”.
وكان أسامة يعتبر أنّه من المهمّ أن يبيّن الأسباب الكامنة خلف تلك التّدابير كي تتمكّن المجتمعات المحليّة من اعتمادها بسهولة. إلى جانب ذلك حرص أسامة على مدّ الأسر المستهدفة بأرقام الاتّصال بوزارة الصحّة وإدارة الحماية المدنيّة وحثّ أفراد الأسر على الإبلاغ عن الحالات التي يشكّ في أنّها مصابة بكوفيد-19: ” شجّعتهم أيضا على طلب توضيحات أو ايّ تفاصيل يحتاجونها لمزيد حماية أنفسهم ومجتمعهم المحليّ”.
سريعا ما فاز أسامة بثقة المجتمع المحليّ السّوريّ فوسّع مجال عمله التطوّعي لينكبّ على مسائل الإقامة والوضع القانوني والاحتياجات الماليّة للأسر السّوريّة: ” تحادثت مع كلّ أسرة لأتبيّن وضعيّة إقامة كلّ فرد منها في الأردن ومساعدتهم على تصحيح بعض الوضعيّات إن لزم الأمر إمّا من خلال الإحالة نحو السّلط المعنيّة أو المنظّمات غير الحكوميّة المحليّة التي كنت أتطوّع للعمل معها”. كان أسامة يريد أيضا مساعدة المجتمعات المحليّة المستضيفة للاجئين التي استقبلته عند وصوله من بلاده: ” اتّصلت بمنظّمة عمليّة الرّحمة لأعرض عليها خبرتي في تثقيف المجتمعات المحليّة بما في ذلك تجربتي في خضمّ كوفيد-19″.
هذه المرّة لم يقتصر عمل أسامة على الأسر السّوريّة بل وكذلك الأردنيّين حيث سعى إلى إعداد قاعدة بيانات خاصّة بالأسر المحرومة التي هي في حاجة لدعم ماديّ وشرح لنا مهمّته بقوله:” بفضل قاعدة البيانات تلك استطعنا إعداد وتوزيع مساعدات تعدّ 70 دينارا أردنيّا (ما يعادل 88 يورو) بمناسبة شهر رمضان الذي تزامن مع الجائحة”. يعتبر أسامة أنّه من المهمّ أن يقدّم يد المساعدة للفئات الأكثر هشاشة ولمن هم في حاجة للمساعدة من اللاجئين السّوريّين والأردنيّين ضعاف الحال لأنّ جميعهم يحتاج للدّعم لتعزيز أواصر التّماسك الاجتماعي والانسجام بين الضّيوف والمستضيفين لهم.
برنامج EDU Syria
مشروع التعليم السوري / الأردني هو سلسلة من المشاريع امتدت زمنياً على مدى السنوات الخمس الماضية وما زالت مستمرة. يمولها الاتحاد الأوروبي من خلال الصندوق الائتماني الإقليمي للإتحاد الأوروبي للاستجابة للأزمة السورية (مدد) والآلية الأوروبية للجوار (ENI). بدء مشروع التعليم السوري / الأردني بهدف مساعدة اللاجئين السوريين والمجتمعات المحلية في الأردن للتغلب على العواقب الناتجة عن الأزمة السورية، حيث يقوم المشروع بتمهيد الطريق للاجئين السوريين والأردنيين الأقل حظاً الراغبين بالحصول على تعليمٍ عالٍ وذلك من خلال إعطائهم منح دراسية. إن EDU-SYRIA I أول مشروع من سلسلة مشاريع EDU-SYRIA والذي بدأ في 2015 بتمويل أولي يبلغ 4 ملايين يورو لتوفير 390 منحة للدراسات العليا (البكالوريوس، والماجستير، ودبلوم التدريب المهني) للطلاب الذين انقطعوا عن دراستهم في سوريا بشكل أساسي بسبب الأزمة.
بدأ مشروع EDU-SYRIA II في أكتوبر 2016 بتمويلٍ أكثر يبلغ قدره 11 مليون يورو لمساعدة أكبر عدد ممكن من المستفيدين، ولذلك قدم المشروع 1000 منحة دراسية للطلاب المنقطعين عن الدراسة والطلاب الذين أكملوا المرحلة الثانوية فقط في سوريا أو الأردن. تلقى الصندوق الإجمالي 2.6 مليون يورو في يناير 2019 لتوفير 200 منحة دراسية إضافية في إطار مشروع أطلق عليه اسم EDU-SYRIA ADDITIONAL.
إن مشروع EDU-SYRIA III أحدث المشاريع في السلسلة وقد بدأ في فبراير عام 2020 لمساعدة 2245 مستفيد مباشر بتمويل يبلغ 15 مليون يورو، وبهذا ارتفع الصندوق الإجمالي لمشروع التعليم السوري / الأردني لمبلغ قدره 32.6 مليون يورو.
الصندوق الائتماني الإقليمي للاتحاد الأوروبي استجابة للأزمة السورية
منذ إنشائه في ديسمبر 2014 ، يتم تقديم حصة كبيرة من المساعدات غير الإنسانية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى الدول المجاورة لسوريا من خلال الصندوق الائتماني الإقليمي للاتحاد الأوروبي استجابة للأزمة السورية ، صندوق الاتحاد الأوروبي “مدد”. يجلب الصندوق الاستئماني استجابة أكثر تماسكًا وتكاملاً للمساعدات من الاتحاد الأوروبي للأزمة ويعالج بشكل أساسي الاحتياجات الاقتصادية والتعليمية والحماية والاجتماعية والصحية للاجئين من سوريا في البلدان المجاورة مثل الأردن ولبنان وتركيا والعراق. يدعم الصّندوق كذلك العمل المحلي و الإدارات.
Read more
موقع ويب بعثة الاتحاد الأوروبي لدى المملكة الأردنية الهاشمية