التزم الأخوين والشريكين في الأعمال ريما وحمّو بوسعدة برفع رهان جريء يتمثّل في انتاج شكولاتة حقيقيّة في غرداية على مشارف الصّحراء الجزائريّة.
وهما يحاولان في الحقيقة رفع سلسلة من التحدّيات منذ سنتين تتمثّل في تثمين التّمر اللين وانتاج الربّ (شراب التّمر) والخلّ وتحويل النّواة إلى غذاء حيواني.
لاحظ حمّو المتحصّل على شهادة في التكنولوجيا الحيويّة النباتيّة من جامعة الجزائر العاصمة انّ كميّات كبيرة من التّمر ترمى مع النفايات لأنّ مزارعي التّمور عاجزون عن تسويقها وقد شرح لنا في لقاء دار في غرداية انّ ” المزارعين في بساتين النّخل بالمنطقة عجزوا عن بيع بعض أصناف التمر اللين مثل بنت قبلة و طجزوان فأحجموا عن جني كميّات كبيرة من التّمر مما يشكّل خسارة فادحة مع خطر فقدان مستنبتات كاملة” و هو ما فتح أمام حمّو و ريما سوقا هامّة حيث استنتج الأخوين بوسعدة انّه بالإمكان تثمين كميّات أكبر من التّمر “و ذات يوم خامرتنا فكرة تغليف التّمر بالشكولاتة و لكن عكس العديد من الحلوانيّين قرّرنا استعمال شكولاتة بلجيكيّة ذات جودة عالية” وهي الفكرة التي تكمن وراء “شكولاتة ريما” التي تحمل اسم أخته إكراما لها لأنّها شجّعته على بعث المشروع.
شرع حمّو وريما إثر ذلك في انتاج الربّ وخلّ التّمر ومرّت كميّات التّمر المثمّنة خلال سنة واحدة من 20 إلى 150 طنّا يوفّرها منتجون من العديد من مدن الجنوب الجزائري ولا يفرّط حمّو وريما في عملهما في أي جزء من الثّمرة فحتّى النّواة تستخدم لتصنيع أغذية حيوانيّة.
تمّ سنة 2015 اختيار المؤسّسة الصّغيرة المنتصبة في غرداية في إطار نشاط ” روّاد الأعمال الخضر” الذي نظّمه برنامج سويتش-ميد المموّل من قبل الاتحاد الأوروبي.
يقول حمّو في هذا الصّدد “قدّمنا مشروعا يدور حول ثلاثة محاور بهدف الوصول إلى تقييس عمليّة انتاج الخلّ والربّ وإعداد بروتوكول عمل لاستخراج الزّيت من نواة التّمر (مادّة مستخدمة في صناعة مواد التّجميل) وأخيرا لإنتاج شكولاتة ذات جودة رفيعة انطلاقا من قرون الكاكاو “.
يستجيب ملفّ حمّو وريما تماما إلى المعايير التي حدّدها مشروع سويتش-ميد وهي احترام مبادئ الاقتصاد الدّائري والتّنمية المحليّة المستدامة والمردوديّة وهما متفائلان جدّا لأنّ المسار يتقدّم بسرعة والاتفاقية الخاصّة بتعيين الخبراء هي الآن في طورها الأخير.
لنتّجه الآن معا نحو الشّمال وبالتّحديد إلى مدينة بجاية على سواحل المتوسّط لمتابعة روّاد أعمال خضر آخرين يدعمهم مشروع سويتش-ميد حيث بعثت نرجس في مسقط رأسها صحبة زوجها أنيس وزّان مشروعهما للصّباغة الطّبيعيّة للنّسيج وكانت نرجس التي تابعت دراستها في اختصاص الماليّة قد التقت بزوجها خلال تدريب في مجال الطّيران و لكنّهما لم يقودا طائرة بل انتهى بهما المشوار في “الرّبيع” و هو اسم ورشة خياطة الألحفة التي بعثتها والدة أنيس قبل بضعة سنوات.
بدأ الحرفيّان نرجس و أنيس بالعمل حسب الطّلب حيث يأتي الزّبون مباشرة إلى الورشة ليختار القماش و المقاسات ثم يعود مرّة أخرى بعد بضعة أيّام لاستلام اللحاف جاهزا و يقول أنيس : “جودة منتجاتنا و أسعارنا هي أهمّ نقاط قوّتنا” دون أن ينسى الثناء على زوجته التي أدخلت على المشروع العائلي لمسة من الابتكار و روحا من الإبداع.
وقد لاحظت نرجس فعلا انّه من الممكن توظيف بقايا الأقمشة لتصنع منها منتجات أخرى في ورشة منفصلة مثل الحقائب والدّمى والعلب المزركشة والسّلال وعربات للرضّع وأغطية للكراسي والعديد من المنتجات من وحي خيالها الذي لا حدود له وتضيف نرجس: ” كنت دائما مولعة بالخياطة وهي هوايتي منذ طفولتي وها قد شاءت الأقدار أن أجعل منها عملي “.
لكن عمل نرجس وأنيس تحدّه جودة الأقمشة والتّصاميم المتوفّرة في السّوق الجزائريّة ومع انقراض صناعة النّسيج الوطنيّة فمعظم الأقمشة المتوفّرة هي مورّدة من الصّين ويرى أنيس أنّ “سوق النّسيج هي حكر على بعض المستوردين الذين لا يولون اهتماما لا للجودة ولا للجماليّة”.
و لذلك برزت فكرة انتاج الأقمشة و هنا يدخل مشروع سويتش-ميد على الخط: ” تقدّمنا بملفّنا لبرنامج روّاد الأعمال الخضر لنتعلّم تقنيات تخضيب أقمشتنا بمواد تلوين طبيعيّة وهي متوفّرة بكثرة على المستوى المحلّي و تستخرج من النّيل و الشمندر و الرمّان و السبانخ”.
يحتوي الملفّ الذي قدّماه أيضا على دورات تدريبيّة لإعداد مخطّط أعمال وتعلّم تقنيات التّصميم و ضبط عمليّة تثمين بقايا الأقمشة و هما الآن ينتظران بفارغ الصّبر تعيين الخبراء الذين سيسهرون على مرافقتيهما لبلوغ الأهداف المرسومة.
قصّة نرجس وأنيس هي قصّة نجاح أخرى يساهم مشروع سويتش-ميد في كتابتها.
للاطلاع على المزيد
برنامج سويتش-ميد لروّاد الأعمال الخضراء http://switchmedentrepreneurs.eu
موقع www.switchmed.eu