” معسكر” تدريبي في مرّاكش: ريادة الأعمال الاجتماعية …4 أيّام من التّدريب والتبادل والتّمارين المكثّفة

يناير 29, 2018
مشاركة في

التأم في مرّاكش معسكر تدريبي على امتداد أربعة أيّام حول ريادة الأعمال الاجتماعية شارك فيه شباب من تونس والجزائر والمغرب بتأطير من خبراء دوليين ويعدّ هذا المعسكر الثالث من نوعه بعد معسكرين نظّما في تونس والجزائر وهو يدخل في إطار برنامج التّبادل لروّاد الأعمال الاجتماعية في منطقة المتوسط “سيد-يوروميد” المموّل من قبل الاتحاد الأوروبي لدعم روّاد الأعمال الاجتماعية عبر التعلّم المتبادل والحوار بين الثقافات.

بعض المشاركين في معسكر مرّاكش المنظّم مع الشريك المغربي للمشروع “روّاد المغرب الشباب” هم روّاد أعمال اجتماعية جدد أمّا البعض الآخر فقد كان لديهم فكرة مشاروع وكان جميعهم متحمّسا لتعميق معارفهم بشأن المؤسّسة الاجتماعية.

وعلى امتداد أربعة أيّام تمكّن 25 مشاركا من المغرب و15 مشارك من تونس و15 من الجزائر التحق بهم 3 باعثي أعمال اجتماعيّة أوروبيين ذوي خبرة، من تطبيق المراحل العشر لاطلاق وإدارة مشروع اجتماعي انطلاقا من تحديد إشكال مجتمعيّ وصولا إلى حلّ مستدام وتطبيقه في شكل مؤسّسة اجتماعيّة تولّوا تقديمها أمام لجنة التّحكيم خلال اليوم الأخير من المعسكر.

في اليوم الأوّل، عمل المشاركون الذين تم توزيعهم في مجموعات تتكوّن من 3 إلى 4 أفراد على المسألة المجتمعيّة التي تمّ اختيارها بتحديد الإشكال وفهم أسبابه وتأثيراته وتحليل مزايا وخصائص الحلول الموجودة مع اقتراح بدائل وفي اليوم الرّابع ينتظر من الفرق أن تكون مستعدّة لعرض أفكارها.

وقد تلت انطلاق النّشاط نقاشات حادّة بين المشاركين والخبراء وكانت احدى تلك النّقاشات فرصة ليتبادل المشاركون الأفكار مع فيرا بورسبوم، مديرة البرنامج لدى شبكةEuclid وهي المؤسّسة التي تدير المشروع.

ترى فيرا أنّ ” أهمّ عنصر بالنّسبة إلى المؤسّسة الاجتماعية ليس الرّبح بل المشاركة في معالجة إشكال مجتمعيّ بيد أنّه لا بدّ للمؤسّسة الاجتماعية في ذات الوقت أن تحقّق الاستدامة الاقتصادية ولذلك فهي مطالبة بإنجاز مكاسب” وتضيف فيرا لتشرح وجهة نظرها تلك أنّه لا بدّ ” من الرّفع إلى أقصى حدّ في الجانب الاجتماعي مقارنة بالجانب التّجاري للنّشاط”.

لم يكن من الصّعب على المشاركين الوصول إلى تحديد مشاكل اجتماعيّة تتطلّب حلولا حيث كانت أفكارهم وتبادل وجهات نظرهم في مستوى حماسهم و إرادتهم لإيجاد الحلول المستدامة لتلك المشاكل.

يأمل يونس المهندس الشاب في الهندسة المدنيّة إطلاق مؤسّسة اجتماعيّة في المغرب ليساهم من خلالها في القضاء على الأحياء القصديريّة وقد تحصّل على بعض الخبرة في إطار جمعيّة ذات أهداف اجتماعيّة ولكّنه يريد أن يتعلّم القواعد الأساسيّة لاقامة المؤسّسات قبل أن ينطلق في تجسيد أحلامه.

وقال لنا يونس “انطلقت قصّتي عندما كنت طالبا في مدرسة المهندسين بالدّار البيضاء حيث أعددت فكرة لمحاربة المسكن غير اللائق وحاولت مع صديق لي تحقيق الفكرة المتمثّلة في البناء باعتماد نسبة 90% من مادّة الطّين و 10% من الإسمنت لكنّ محاولاتنا فشلت و بعد جهود كبيرة تمكنّا من انجاز مسكنين و نحن نفكّر الآن في بعث مشروعنا الخاصّ”. وفي اختتام الأيّام الأربعة التي عمل فيها يونس على مراحل إطلاق مؤسّسة قال لنا انّ ” معسكر مرّاكش ساعدني على التحكّم في مسار انشاء المؤسّسة الاجتماعيّة”

أمّا نجيب من تونس فهو ليس صاحب مؤسّسة بالمعنى القانوني للكلمة ولكنّ تجربته الشخصيّة دفعته للمشاركة في المعسكر ليتعلّم كيف يمكنه أن يقيم ويتصرّف بنجاح في مؤسّسته الاجتماعية المستقبليّة ويعمل نجيب حاليّا بالتّعاون مع خمس نساء ضمن مجموعة تيلي تانيت (كلمة أمازيغيّة تعني ظلّ الملكة) تنتج ملابس تقليديّة مطرّزة بخيط الفضّة أو الذّهب.

و قد قصّ علينا نجيب بتأثّر كبير المسار الذي توصّل من خلاله إلى بعث مجموعة ” تيلي تانيت”: ” كان والدي يعمل في الصّيد البحري و في الفلاحة أيضا في منطقة المهديّة على الشريط السّاحلي التّونسي و كان يريدني أن أشاركه عمله لكنّني كنت مولعا منذ صغري بفنّ التّطريز الذي كانت أمّي تنجزه” و طبعا لم يكن يتماشى تماما مع تطلّعات والده فبعد نجاحه في اجتياز امتحان البكالوريا درس لمدّة ثلاث سنوات في معهد تقنيّ للنّسيج ويقول نجيب بكلّ فخر “بعد ذلك قامت الثّورة سنة 2011 و فتحت جميع الأبواب إثرها” و التحق بالعاصمة حيث واكب عن كثب التحرّكات الاجتماعية قبل أن يعود إلى المهديّة و يلتقي بالمطرّزات الخمس.

يقول نجيب بكلّ فرح: ” خلال المعسكر تمكّنت من الحصول على نظرة واضحة حول المسار الذي يجب أن أتّبعه لبعث مشروعي الاجتماعي وإدارته مع شريكاتي الخمس”.

أمّا كمال، منسّق البرنامج في الجزائر الذي بنى خبرة واسعة في مجال العمل مع روّاد الأعمال الاجتماعية فهو يرى أنّ ” هذا المشروع يساهم في دعم الأمن والاستقرار في منطقة المغرب العربي فالمؤسّسة الاجتماعية تشكّل طريقة ناجعة لدمج المرأة الموجودة في وضع صعب والمعاقين والمسنّين والأطفال…” ويضيف كمال:” لقد مكنّنا معسكر مرّاكش من دعم ما عملنا عليه لمدّة ثلاث سنوات لتأطير الباعثين الاجتماعيين الجدد”.

في نهاية المعسكر قدّم المشاركون مشاريعهم أمام مجموعة من الخبراء وهم واعون بالمصاعب التي سيواجهونها ولكنّهم الآن يحملون الأدوات الضروريّة للدّخول في المغامرة.

وإضافة إلى التّدريب والأدوات الجديدة التي تحصّلوا عليها والتي ستسمح بفتح أبواب ريادة الأعمال الاجتماعية أمامهم كان المعسكر فرصة ليلتقي المشاركون بنظرائهم من البلدان المجاورة ولتبادل معارفهم وخبراتهم مع الشباب الذي يتقاسم معهم ذات التطلّعات ويواجه تحدّيات متشابهة.

لا شكّ في أنّ التّعاون والتّبادل ضروريّان لريادة الأعمال ولا يمكن لتجربة التّقاسم والاتصال التي يوفّرها هذا النّوع من المعسكرات سوى الإسهام في إثراء الشباب وتشجيعهم على بناء شبكات لروّاد الأعمال الاجتماعية تفوق حدود بلدانهم لتدفعهم نحو المزيد من الانفتاح.

وإلى جانب هذه التجمّعات المكثّفة يقترح مشروع سيد-يوروميد الذي تتولّى تنفيذه خمس منظّمات غير حكوميّة من لندن وباريس والجزائر وتونس والرّباط امكانيّات أخرى للتّبادل بين روّاد الأعمال الاجتماعية في شمال افريقيا وأوروبا حيث تمتّ برمجة أكثر من 30 تبادل على امتداد مدّة المشروع يستفيد منها في كلّ مرّة رائدا أعمال حيث يوفّر لهم المشروع خلال الإقامة مبلغا شهريّا بقيمة 850 إلى 1100 يورو مع تذكرة السّفر.

وتمكّن هذه المبادلات التي تتراوح مدّتها ما بين شهر وثلاثة أشهر روّاد الأعمال من الحصول على تجربة دوليّة ومعارف بالسّوق الأوروبيّة وتسمح في ذات الوقت للمؤسّسات الأوروبيّة بالنّفاذ إلى شبكة دوليّة.

اقرأ في: English Français