المسار الإبداعي لوفاء الزّاوي: من مهندسة إلى حرفيّة

يناير 18, 2024
مشاركة في

في الرباط، تضطلع وفاء الزاوي بمهمّة في مجال ريادة الأعمال والحفاظ على الثقافة وهي لا تدرج مشروعها CRÉ ARTISANAT وعلامتها التجارية BillYadi في خانة الأعمال التجاريّة بل في إطار السّعي نحو حماية التراث الحرفي المغربي وبفضل الدعم الذي حصلت عليه من برنامجCREACT4MED الممول من الاتحاد الأوروبي لفائدة المؤسّسات الثقافية والإبداعية، استطاعت وفاء أن تعمل على تحويل حلمها إلى حقيقة. 

في الشوارع الصاخبة للعاصمة المغربيّة الرّباط حيث تلتقي التقاليد بالابتكار، نسجت وفاء الزاوي قصة فريدة من نوعها في مجال ريادة الأعمال والحفاظ على التّراث الثقافيّ. بروحها الحرفيّة وولعها بالتّصميم، انطلقت وفاء في رحلة شخصيّة أفضت بها في نهاية المطاف إلى إنشاء CRÉ ARTISANAT وعلامتها التجارية BillYadi.

تحصّلت شركة CRÉ ARTISANAT على الدّعم من خلال برنامج CREACT4MED الموجّه نحو تعزيز المؤسّسات الثقافيّة والابداعيّة في منطقة الجوار الجنوبي وهو يدعم على وجه التحديد المؤسّسات الناشئة والمؤسّسات الصّغرى والمتوسطة في مجال الصناعات الثقافية والإبداعية كما يوفّر المساعدة المالية واحتضان المشاريع و يمتّن الرّوابط في إطار المنظومة الإبداعيّة وقد اضطلع البرنامج بدور محوريّ في دفع نمو CRÉ ARTISANAT  لتساهم في الحفاظ على التراث الحرفي الثريّ في المغرب.  

مسار وفاء لبعث CRÉ ARTISANAT

بعد دراسة الهندسة والأعمال في فرنسا عادت وفاء إلى المغرب وقد أدركت فيما بينها أنّ الهندسة ليست الاختصاص الذي تريد العمل فيه:” لم أكن أرى نفسي في مجال الهندسة”.

استلهمت وفاء من شغفها الذي كان يسكنها منذ طفولتها بالخطّ والرّسم والفنون وانطلقت في صناعة حقائب تسوّق موشّحة بأشكال الخطّ العربي وشرحت لنا انطلاقتها بقولها: ” في البداية، كنت أصنعها لاستعمالي الخاصّ ثمّ لأخواتي وأصدقائي وفجأة وجدت أنّ الجميع يريد حقيبة مثلها!”

بعد أن اتّقدت روحها الرياديّة، استرجعت وفاء ثقتها في نفسها لتغادر وظيفتها وتتفرّغ للصناعات اليدويّة: ” كنت أذهب إلى المدينة العتيقة لأقضّي ساعات في الحديث مع الحرفيّين وأطّلع على طريقة عملهم لأتعلّم منهم”.

علّمت وفاء نفسها بنفسها وتسلّحت بشغفها لتنتقل من صناعة حقائب التسوّق إلى الحقائب الجلديّة ثمّ السّلع الجلديّة عموما ومن ثمّة نشأت CRÉ ARTISANAT.

CRÉ ARTISANAT: الحفاظ على التّراث و الوقوف في وجه الاستهلاك المفرط 

تختصّ CRÉ ARTISANAT في تصميم وإنتاج المواد الحرفيّة اليدويّة وتكييفها حسب رغبة الزّبائن حيث تنتج الشركة تحت العلامة التجاريّة BillYadi حقائب واكسسوارات جلديّة ويتمّ عرض تلك المنتجات في عدد من المتاجر المتخصّصة في مختلف أنحاء المغرب بعد أن اشتهرت بجودتها وتفرّدها. 

جعلت وفاء من فهم الحرفيّين المغاربة ومعرفتهم بطريقة معمّقة بوصلة توجّه خطوات عملها وهي تعتبر أنّ CRÉ ARTISANAT تمثّل أوّلا وبالذّات مشروعا للحفاظ على تقاليد الأجداد ولنقلها من جيل إلى جيل وقد عبّرت عن ذلك بقولها: ” أشعر أنّه من واجبنا أن ننقل حبّ الصّناعات اليدويّة والوعي بقيمة العمل الحرفيّ”. 

تثمّن CRÉ ARTISANAT الصّناعات اليدويّة وتعتزّ بتقاليد الأجداد لتبرز من خلالها البعد الإنساني الذي تحمله الصناعات التّقليديّة المغربيّة  لذلك تعرّف وفاء مشروعها بكونه ” محاولة لمواجهة الإنتاج الضخم والاستهلاك المفرط دفاعاعن الحرف اليدوية والصّناعات التّقليديّة”.

رسم المستقبل: رؤية عابرة للحدود

بالنّسبة لوفاء، طريق CRÉ ARTISANAT و BillYadi في المستقبل ستكون دوليّة و قد برمجت بعد لبيع منتجاتها على الأسواق العالميّة من خلال موقع الواب ولتعزيز حضور تلك المنتجات عبر إعداد منصّة شاملة في شكل شبكة للحرفيّين من كافّة أنحاء المغرب لتمتين الرّوابط بين المبدعين و المصمّمين والحرفيّين من مختلف المهن و الأنشطة كما ستعمل المنصّة كمعرض رقميّ يبرز الحرفيّين و عملهم وينشر أسماءهم و ييسّر نفاذ الزّبائن المحتملين إلى منتجاتهم و إبداعاتهم و قد شرحت وفاء تلك المقاربة قائلة: ” ستكون المنصّة في شكل قاعدة بيانات تمكّن الزّبون من تقديم طلباته من المنتجات الحرفيّة.  من الأحذية إلى الحقائب وقطع الأثاث، يستطيع الزّبون تقديم طلبه لدى الحرفيّ الذي يختاره”  كما أكّدت أنّ المنصّة ستضطلع بدور محوريّ لضمان حصول الحرفيّين على سعر عادل لمبيعاتهم لتخدم بذلك صالح الزّبائن والحرفيّين في ذات الوقت. 

تتطلّع وفاء أيضا إلى أن يصبح مشروعها قادرا على التّوظيف ليكون بذلك وسيلة لا فقط للحفاظ على المؤسّسة التي أنشأتها ولكن أيضا للمساهمة في الحفاظ على الحرف التقليدية وبدل التركيز على الحرفيين من ذوي الخبرة الواسعة، تفكّر وفاء في استقطاب الشباب الشّغوف بالقطاع الحرفي لتدريبهم وخلق فرص في هذا القطاع مع ضمان تناقل المهارات الحرفية القيمة.

الدّعم الأوروبي: رعاية الابتكار الهادف 

في حديثها عن الدّعم الذي حظيت به من الاتحاد الأوروبي من خلال CREACT4MED، ذكرت وفاء أن البرنامج يستهدف المؤسسات الثقافية والإبداعية: ” أكثر جانب يعجبني في برنامج CREACT4MED هو استهدافه للمؤسسات الثقافية والإبداعية. سبق لي أن اطّلعت على العديد من برامج دعم المؤسّسات الناشئة لكن لم يكن أيّ منها مختصّا في القطاع ولم تكن تلك البرامج تستجيب خصّيصا لاحتياجاته وطلباته”. 

أشارت وفاء أيضا إلى أهميّة الدّعم المالي الذي يقدّمه برنامج CREACT4MED مبرزة الجانب العمليّ الذي يميّز الحصول على التّمويلات على أقساط إذ مكّنتها تلك المقاربة من تحديد أولويّاتها ومن إعداد موازنتها بشكل فعّال لضمان الاستخدام الأمثل للموارد”. 

من أهمّ ميزات برنامج CREACT4MED، لا بدّ من ذكر منصّته المتوفّرة على الخطّ لربط الصّلة بين أهمّ الجهات الفاعلة ضمن منظومة المؤسّسات الثقافيّة والابداعيّة في منطقة الجوار الجنوبي. تعتبر وفاء أنّ تلك المنصّة تكتسي أهميّة بالغة حيث تغذّي الشّعور بالانتماء إلى مجتمع خاصّ بالمؤسّسات النّاشئة: ” خلقت المنصّة مجتمعا مصغّرا وأنا الآن أعرف المؤسّسات النّاشئة الأخرى في المغرب ونحن نتفاعل فيما بينننا عبر مجموعة نقاش نتبادل ضمنها وجهات نظرنا بشأن تجاربنا “. 

اقرأ في: English Français